الإيمان بالله هو القوة الباعثة على العمل الصالح، القوة التي توجه الإنسان فيما يأتي ويدع في جميع شؤون الحياة كلها ...
الإيمان هو مبدأ عام لا يفرق بين جنس وجنس، ولا بين لون ولون، ولا بين وطن ووطن هو هداية من الله إلى الخلق أجمعين، هو قوة روحية، ودعوة إلى قوة مادية، هو نظام كامل يقدم للإنسانية فكرة شاملة عن الكون والحياة، ويجعل العنصر الأخلاقي هو الغاية في بناء الحياة الإجتماعية، ويكون المسلم متشبعا بالعقل والروح لتنبعث الحياة من داخل النفس.
هذا هو الإيمان، ولكن بعض المسلمين فهموا أن الإيمان ألفاظ جوفاء، يظنون أن الإيمان هو الإذعان السلبي الذي لا يكلف صاحبه عملا، ولا يبعث في قلبه خشية، ولا يؤثر في خلقه تهذيبا، ولا يدعوه إلى مشاركة في بر أو معاملة في إصلاح، أو عمل خير، ويحرص صاحب هذا الإيمان على أداء صور العبادات المفروضة، والتظاهر بأهل التقوى والصلاح ...
يحسب هؤلاء المسلمون أن هذا الإيمان مقبول عند الله موصول إلى النجاة من عذاب الله، والسعادة في الدار الأخرى وهم يتلون كتاب الله، ويعرفون ما وصف الله به عباده المؤمنين في كثير من الآيات.
القرآن يعرف المؤمنين مستيقنين غير مرتابين، يعرفهم مجاهدين صابرين، ويعرفهم أصحاب رأي وأهل غيرة على المجتمع يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويعرفهم متحابين لم يفسد قلوبهم الغل، ولم تفرقهم الأهواء، ويعرفهم أقوياء بالحق يجاهدون في سبيل الله، ولا يخشون لومة لائم، ويعرفهم خاشعي القلوب غير مستكبرين على أوامر الله، إذا ذكر الله وجلت قلوبهم، وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، ويعرفهم حراصا على إقامة الصلاة وعلى توطيد صلتهم بربهم، وعلى تحصين كرائم أموالهم بإيتاء الزكاة، ويعرفهم بأوصاف الخير والبر التي لا صلاح إلا بها ولا استقامة إلا عليها أولئك هم المؤمنون حقا في نظر القرآن، وأولئك هم المفلحون ...