للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلغت من الروعة حدا لا يجارى. والآيات والأحاديث التي وجهت الأمة الإسلامية إلى العلم كثيرة مستفيضة.

العلماء لا يعبدون الله إلا بما شرع لهم، ولا يأخذون إلا بالدليل، ولا يسيرون إلا على أوضح سبيل، ولذلك يقبل منهم القليل ويضاعفه لهم حتى يكون كثيرا، والجاهلون يدينون الله بالباطل، ويعبدونه بالأهواء والبدع، ويستجيبون إلى كل ناعق، ويعملون كثيرا ولا يستفيدون إلا قليلا، قال تعالى في حق الجاهلين: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ}.

وإذا كان العلماء يشهدون التوحيد فإن منزلتهم بالمكان السامي، ودرجاتهم في الرفعة والعلو {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (سورة المجادلة) ولهذه الجوانب من فضل العلم والعلماء أمر الله سبحانه وتعالى رسوله- وهو قدوة المسلمين وأسوتهم- أن يقول: {رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} ...

رب زدني علما في كل يوم، بل في كل لحظة، ذلك ما يجب أن يكون شعار المسلم، وإذا ما زاد المسلم علما ازداد خشية، وإذا ما ازداد خشية تحقق فيه إسلام الوجه لله على أكمل صورة.

وإذا نظرنا إلى الأحاديث النبوية الخاصة بالعلم فإننا نرى عجبا قال عليه الصلاة والسلام: "العلم طريق الجنة" ويقول فيما روه أبو داود والترمدي وغيرهما: "العلماء ورثة الأنبياء" (١) ويقول صلى الله عليه وآله وسلم: "فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي" (٢) رواه الترمذي. وفيما رواه الإمام أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب


(١) رواه أحمد وأبو داود والترميذي عن أبي الدرداء مرفوعا بزبادة. وصححه الحاكم وابن حبان - وضعفه غيرهم ما لاضطراب في السند. قال ابن حجر له طرق يعرف بها أن للحديث أصلا.
(٢) شطر من حديث في سنن الترميذي عن أبي أمامة رواه الطبراني في الأوسط - والبزار.

<<  <   >  >>