للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

{وَالنَّاشِرَاتِ نَشْرًا * فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا * فَالْمُلْقِيَاتِ ذِكْرًا} قال في تفسير هذه الآية، الحسن، ومجاهد وقتادة هي الرياح تأتي بالمطر، وقال مقاتل هي الملائكة تنشر كتب بني آدم وصحائف أعمالهم، وقال مسروق وعطاء عن ابن عباس هي الملائكة تنشر أجنختها في الجو عند صعودها ونزولها وقيل تنشر أوامر الله في الأرض وفي السماء.

{وَالنَّازِعَاتِ غَرْقًا * وَالنَّاشِطَاتِ نَشْطًا * وَالسَّابِحَاتِ سَبْحًا} أكثر المفسرين في تفسير هذه الآية على أنها الملائكة التي تنزع أرواح بني آدم من أجسامهم، والنزع هو إجتذاب الشيء بقوة، والإغراق في النزع هو أن يجذبه إلى آخره.

{وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا}، أقسم سبحانه وتعالى بالملائكة الصافات للعبودية بين يديه كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: "ألا تصطفون كما تصطف الملائكة عند ربها؟ تتمون الصفوف الأولى وتراصون في الصف" (١) والزاجرات عن المعاصي، والتاليات الجامعات لكلمات الله تعالى.

ومنهم ملائكة الرحمة، وملائكة العذب، وملائكة قد وكلوا بحمل العرش، وملائكة بالصلاة والتسبيح والتقديس إلى غير ذلك من أصناف الملائكة التي لا يحصيها إلا الله. الملائكة الموكلون بالإنسان من حين كونه نطفة إلى آخر أمره لهم وله شأن آخر، فإنهم موكلون بتخليقه ونقله من طور إلى طور، وتصويره، وحفظه في أطباق الظلمات الثلاث، وكتابة رزقه وعمله، وأجله، وشقاوته وسعادته، وملازمته في جميع أحواله، وإحصاء أقواله وأفعاله، وحفظه في حياته، وقبض روحه عند وفاته: وعرضها على خالقه وفاطره، وهم الموكلون بعذابه ونعيمه في البرزخ، وبعد البعث، وهم الموكلون بعمل آلات النعيم والعذاب. وهم المثبتون للعبد المؤمن بإذن الله، والمعلمون له ما ينفعه، والمقاتلون الذابون عنه. وهم أولياؤه في الدنيا والآخرة، وهم الذين يورونه في منامه ما يخافه ليحذره،


(١) رواه مسلم عن جابر بن سمرة.

<<  <   >  >>