فيه الناس، وإذن فلن تكون الدعوة إلى الله دعوة تلقائية لإن مواجهة العقل المدرك المستعد للبحث والنظر- إلى مواجهته بالأمر الواقع والحكم الملزم، فيه تعسف وإعنات لا تلقاه مثل هذه العقول إلا بالتمرد والعناد ...
وحين ننظر قي دعوة الإسلام نجدها قد مرت في مراحل إنتقلت بالناس من حال إلى حال ...
وفي المرحلة الأولى من مراحل الدعوة نجد أن أول ما افتتح به الوحي رسالة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هو قوله تعالى:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(سورة العلق) .. هذه الآيات كانت عنوان الموضوع الذي تدور حوله الدعوة في مراحلها الأولى: الخالق وما خلق، وذكر الخالق وما خلق هنا هو تحديد للموضوع الذي من أجله كان توجيه النظر إلى المخلوقات، والوقوف على ما في صورها وألوانها وأشكالها من عجائب وأسرار، فإنذا استبانت لعين الناظر المتأمل تنبهه إلى الخالق الذي خلق ..
ويكاد العهد المكي كله من تاريخ الرسالة - يقوم على أداء هذا الدور، والعمل على التعريف بالله من طريق الإقناع، بالنظر والتفكر في آيات الله ...
ولقد جاء القرآن الكريم في هذا الباب، بما لم يكن لدعوة من الدعوات السماوية أو غير السماوية أن تجيء بمثله، وبما لم تنفذ إليه من قلوب الناس وعقولهم أجهزة الدعايات العصرية التي تبشر بالمذاهب السياسية أو الإقتصادية، والتي تحشد لها كل قوى الدعاية من ملايين الأنفس، وملايين الأموال تعمل جميعا في كل ميدان يصل إلى الناس من الإذاعات والكتب والصحف، كل أولئك لم يكن شيئا إلى جانب المنهج الذي اتبعه الإسلام في دعوته إلى الله، وإذ كان منهجا قائما على الحق، وداعيا إليه عن طريق النظر، والإستدلال والإقناع ...
وما يشوق العقل الإنساني ويوقظ وجدانه أكثر من نظرة واعية إلى