أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}، {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}، {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}، {بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} نرى من هذه الآيات أن سبب الإضلال هو الزيغ والخروج عن تعاليم الله، والكبر والجبروت والتعالي على الناس بغير حق ونقض عهد الله، وقطع ما أمر الله به أن يوصل، ووصل ما أمر الله به أن يقطع والفساد في الأرض والكفر واقتراف الآثام ..
فهذه هي الأسباب التي أضلت الناس، وأخرجتهم عن منهج الحق لأنهم آثروا العمى على الهدى، واستحبوا الظلام على النور، فكافأهم الله، فأصمهم، وأعمى أبصارهم، بمقتضى نظامه في ارتباط الأسباب بمسبباتها، قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} فهؤلاء أهملوا منافذ العلم والعرفان، وعطلوها عما خلقت له، فلم يصل إليها نور الحق. فقلوبهم غلف لا تعقل عن الله وحيه، وعيونهم عمي لا ترى الله في ملكوته، وآذانهم صم لا تسمع آيات الله، فهم مثل الأنعام التي لا تنتفع بحواسها الظاهرة والباطنة، بل أضل من الأنعام إذ الأنعام لم تزود بما زود به الإنسان من قوى نفسية وعقلية وروحية.