للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد جاءت نصوص كثيرة من الكتاب العزيز والسنة الصحيحة في تعظيم العلم ومكانة أهله، بل جعل الله الخير كل الخير لمن وفقه للسعي في تحصيل العلم النافع المورث للخشية، والتفقه في الدين، كما أخبر بذلك نبينا حيث قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) (١).

وإن لعلم الفقه مكانة عالية ومنزلة رفيعة، وهو من أفضل ما يرام له من العلوم الشرعية، إذ به يُعرف الحلال والحرام، وعليه مدار صحة العبادات والمعاملات وصلاح أحوال الناس في الدنيا والآخرة.

ولذلك تسابق السلف الصالح إلى هذا الفضل العظيم، فاهتموا بالعلم الشرعي عامة، وأَوْلَوا الفقه عناية خاصة، فأفنوا أعمارهم في سبيله، تعلماً وتعليماً، جمعاً وتأليفاً وتصنيفاً، حتى تكونت في الأمة الإسلامية ثروة علمية فقهية عظيمة، ما بين متون متينة ومختصرات ومطولات، وشروح وحواشٍ، تحمل في طياتها اجتهادات مستنبَطة، وأحكامًا للحوادث والوقائع المستجدة، ومسائل مفترضة.

وإن الناظر في تاريخ الفقه الإسلامي وبنائه المرحلي بشكل عام، والمذهب الحنفي بشكل خاص، يجد نفسه أمام أدوار الفقه ومراحله المختلفة التي مرت به، ومن أهمها مرحلة المتأخرين التي هي أخصب مراحل الفقه من حيث الكتابة الفقهية.


(١) أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ١/ ٢٥، رقم حديث: ٧١، ومسلم، كتاب الإمارة، باب قوله : «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم»، رقم حديث: ١٠٣٧.

<<  <   >  >>