للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المطلب الثاني: اختلاف المؤجر والمستأجر في أجرة العمل (١):

من المسائل التي يذكرها علماء الحنفية كمثال على اختلاف المؤجر والمستأجر مسألة خياطة الثوب ونحوه، فلو قال المستأجر: خِطتَ الثوب بغير أجر، وقال المؤجر: بل بأجر، فإن كان قبل العمل يتحالفان ويبدأ بيمين المستأجر، وإن كان بعد العمل فقد اختلف فقهاء الحنفية في ذلك على قولين:

القول الأول: القول قول صاحب الثوب؛ لأنه منكر، ولأنه لا قيمة للعمل بدون العقد، وهو قول أبي حنيفة (٢).

القول الثاني: إن تكررت المعاملة بينهما بأجر فإن ذلك يؤيد جهة الطلب بأجر جرياً على معتادهما، وهو قول أبي يوسف – (٣).

القول الثالث: إن اتخذ حانوتاً (٤) وانتصب لهذه الصناعة فله الأجرة وإلا فلا، وهو قول محمد (٥)؛ لأن ذلك دليل على العمل بالأجرة عرفاً (واعتباراً للظاهر) (٦)، والمعروف كالمشروط (٧)، وعليه الفتوى (٨).

وبعضهم رجح قول الإمام لأنه قياس، ورد قوليهما إلى الاستحسان والاعتبار للظاهر، وأن الظاهر مردود؛ لأنه يصلح للدفع عن نفسه، والحاجة هنا إلى الاستحقاق وليس الدفع (٩).


(١) ومن الأمثلة أيضاً اختلافهما في نوع المعقود عليه مثل القميص أو الثوب أو السراويل إلخ. ينظر: العناية، ٩/ ١٤٢، رد المحتار، ٦/ ٤١.
(٢) والرواية الأخرى عنه (الاختيار، ٢/ ٦١): "إن كانت الخياطة حرفته فله أجر مثله عملاً بالعرف، وإلا فلا أجر له، ويكون متبرعاً".
(٣) الاختيار، ٢/ ٦١.
(٤) أي دكاناً. ينظر: البناية، ١٠/ ٣٣٩.
(٥) الاختيار، ٢/ ٦١.
(٦) العناية، ٩/ ١٤٣.
(٧) ذكر القاعدة ابن نجيم في الأشباه والنظائر، ص: ٨٥.
(٨) الاختيار، ٢/ ٦٠ - ٦١.
(٩) الهداية، ٣/ ٢٤٦، العناية، ٩/ ١٤٣، البناية، ١٠/ ٣٣٩، ومال إليه في بدائع الصنائع، ٤/ ٢٢٢.

<<  <   >  >>