للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: ضمان الساعي بغير حق]

هذه المسألة كسابقتها تذكر غالباً في كتاب الغصب (١)، والسعاية لغة أن تسعى بصاحبك إلى والٍ أو من فوقه (٢)، وهو ما يفهم من كلام فقهاء الحنفية عند تقريرهم أنواعها والضمان عليها (٣)، فيقولون: إنه لا ضمان على السعاية بحق مثل من سعى إلى الوالي بمن يؤذيه ولا يندفع إلا بالسعي والرفع إليه، أو بمن يفسق ولا يمتنع لنهي الساعي (٤)، ودفع المنكرات واجب بما أمكن (٥).

وينصُّون على ضمان السعاية بغير حق، وأمثلتها عكس ما ضُرب منها في السعاية بحق، وهو قول محمد – وبه يُفتى دفعاً للفساد وزجراً له (عن السعاية) (٦) (٧).

دراسة المسألة دراسة مقارنة:

وبعد الاطلاع على مذاهب الفقهاء تبين أن القول بضمان الساعي بغير حق هو أيضاً قول المالكية (٨)، والشافعية (٩)، والحنابلة (١٠)، بدليل ما قد سبق ذكره من دفع للفاسد وزجر للساعي من السعاية.

قلت: ويمكن أن يُستدل له بكل دليل يحرم الكذب والنميمة.

والمسألة لها ثمرة عملية تظهر في صور كثيرة، منها:


(١) رد المحتار، ٦/ ٢١٣.
(٢) العين، ٢/ ٢٠٢.
(٣) شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ٥٣.
(٤) ينظر: ملتقى الأبحر، ١/ ٩٨.
(٥) مجمع الأنهر، ٢/ ٤٧٠.
(٦) درر الحكام، ٢/ ٢٦٩.
(٧) شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ٥٣، وانظر: مجمع الأنهر، ٢/ ٤٧١، رد المحتار، ٤/ ٨٨، ٦/ ٢١٣.
(٨) التاج والإكليل، ٧/ ٣٣٠، التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، ٦/ ٥٠٩.
(٩) روضة الطالبين، ١١/ ٢٢٣، العزيز شرح الوجيز، ١٣/ ٧.
(١٠) لم أجدهم يذكرون مسألة الساعي بغير حق، لكن يقولون في كتاب الحجر: "إذا غرم شخص لكذب عليه عند ولي الأمر رجع الغارم بما غرمه على مضمون وكاذب لتسببه". ينظر: شرح منتهى الإرادات، ٢/ ١٥٧.

<<  <   >  >>