للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: في مسائل الربا]

المسألة الأولى: بيع الخبز (١) بالحنطة والدقيق (٢) متفاضلاً (٣):

هذه المسألة من مسائل الربا، والربا في اللغة الفضل والزيادة والعلو (٤)، وفي الاصطلاح الزيادة المشروطة في العقد -وهذا إنما يكون عند المقابلة بالجنس-، وقيل: الربا في الشرع عبارة عن عقد فاسد بصفة سواء كان فيه زيادة أو لم يكن، فإن بيع الدراهم بالدنانير نسيئة ربا ولا زيادة فيه، وبه يتبين أن الربا نوعان: ربا الفضل وربا النسيئة (٥).

والأصناف الربوية التي نص عليها الشارع ستة، كما جاء في حديث عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله : "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم، إذا كان يدًا بيد" (٦).

وقد اختلف الفقهاء في علة الربا في هذه الأصناف، وموضوع المسألة يتعلق بالأصناف الأربعة الأخيرة أي غير الذهب والفضة، والحنفية يقررون أن العلة فيها الكيل مع الجنس أو الوزن مع الجنس (٧)، وهذا له أثر بالغ في مسألة بيع الخبز بالحنطة والدقيق متفاضلاً.


(١) الخبز أنواع، والذي يتبادر إلى الذهن هو مطلق الخبز، وبعضهم قيَّده بخبز الحنطة. ينظر: البيان في مذهب الإمام الشافعي، ٥/ ٢١٩. والحنطة بر كما في القاموس المحيط، ص: ٦٦٣.
(٢) أي ودقيق الحنطة.
(٣) والبيع عند الحنفية: "مبادلة شيء مرغوب بشيء مرغوب"، ولفظ البيع من الأضداد، يقال: باع كذا إذا أخرجه عن ملك أو أدخله فيه. ينظر: بدائع الصنائع، ٥/ ١٣٣، تبيين الحقائق، ٤/ ٢. وهذه المسألة لو حُملت على معنى الشراء لكان أفضل، فيقال: شراء الخبز بالحنطة والدقيق بحيث يكونان ثمناً والخبز مثمناً؛ لأن شراء ما أجله قصير -مثل الخبز- بما أجله طويل –مثل الدقيق والحنطة- ممكن وواقع، وتصوره سهل، لكن شراء الحنطة والدقيق بالخبز المخبوز الجاهز لا يقع في الغالب، وتصوره صعب، والله أعلم.
(٤) المصباح المنير، ١/ ٢١٧، مقاييس اللغة، ٢/ ٤٨٣.
(٥) ينظر: الاختيار، ٢/ ٣٠.
(٦) أخرجه مسلم، ٣/ ١٢١١، كتاب المساقاة، باب الصرف وبيع الذهب بالورق نقداً، رقم حديث: ١٥٨٧.
(٧) الاختيار، ٢/ ٣٠، تبيين الحقائق، ٤/ ٨٥.

<<  <   >  >>