للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثاني: الرجوع بنقصان العيب في الطعام بعد أكله]

هذه المسألة من مسائل خيار العيب -وقد سبقت الإشارة إليه في المسألة السابقة-، ومعناه لو اطلع المشتري على عيب (١) في السلعة بعد العقد فله أخذها بجميع الثمن وله ردها (٢).

ومن صور المسألة شخص اشترى طعاماً فأكل بعضه ثم علم بالعيب فيه، فعند أبي حنيفة – (ليس له أن يرد الباقي) (٣)، ولا أن يرجع بنقصانه (٤)؛ لأن الطعام كشيء واحد فلا يرد بعضه دون بعض كما إذا باع البعض، وعندهما يرجع بنقصان العيب في كله (٥) (وليس له أن يرد الباقي؛ لأن الطعام كالشيء الواحد فيتعيب بالتبعيض؛ لأن أكل الكل لا يمنع الرجوع فالبعض أولى) (٦)، ورواية أخرى عنهما أنه يرد ما بقي، ويرجع بنقصان ما أكله (٧)؛ لأنه لا يضره التبعيض، وعليه الفتوى (٨).

دراسة المسألة دراسة مقارنة

اختلف الفقهاء في مسألة الرجوع بنقصان العيب في الطعام بعد أكله على ثلاثة أقوال:


(١) وهو كل ما أوجب نقصان الثمن في عادة التجار. ينظر: الاختيار، ٢/ ١٨.
(٢) تبيين الحقائق، ٤/ ٣١، وقال: "لأن مطلق العقد يقتضي السلامة من العيب فكانت السلامة كالمشروطة في العقد صريحاً لكونها مطلوبة عادة فعند فواتها يتخير كي لا يتضرر بإلزام ما لا يرضى به".
(٣) تبيين الحقائق، ٤/ ٣٧.
(٤) أي بالأرش فيما أكل ولا فيما بقي. ينظر: الجوهرة النيرة، ١/ ١٩٩.
(٥) أي بأرش جميع الطعام. ينظر: الجوهرة النيرة، ١/ ١٩٩.
(٦) تبيين الحقائق، ٤/ ٣٧.
(٧) يعني يرجع بأرش ما أكل. ينظر: الجوهرة النيرة، ١/ ١٩٩.
(٨) الاختيار، ٢/ ٢٠، الهداية، ٣/ ٣٩، رد المحتار، ٥/ ٢٣. قلت: ويظهر أن اختلاف روايتي الصاحبين اختلاف تنوع، بحيث تحمل كل رواية على نوع من الأطعمة، فالرواية الأولى تحمل على الطعام الذي يضره التبعيض ويتعيب به مثل الساندويتشات، والأخرى تحمل على ما لا يضره التبعيض ولا يتعيب به مثل الفطائر، فإنها تباع مقطعة (كاملة أو جزءاً جزءاً).

<<  <   >  >>