للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث العاشر: ثبوت الوكالة بالقبض وثبوت الوكالة بالخصومة والتقاضي]

قد يعجز الإنسان عن التصرف في ماله؛ لقلة خبرته وكثرة انشغاله، أو لكثرة ماله، فيحتاج إلى تفويض التصرف إلى الغير بطريق الوكالة (١)، والوكالة تفويض التصرف والحفظ إلى الوكيل (٢).

ومسألة ثبوت الوكالة تبين ما يملكه الوكيل من التصرف بموجب التوكيل بعد صحته (٣)، وفقهاء الحنفية يقولون: إن الوكيل بقبض الدين مثلاً وكيل بالخصومة لأجله (٤)، والوكيل بالتقاضي في أمور مالية مثلاً يملك قبضها بالإجماع إذا قضى القاضي له؛ لأنه لا فائدة للتقاضي بدون القبض (٥)، وأما الوكيل بالخصومة فيها فقد اختلفوا في ذلك؛ فعند الأئمة الثلاثة يملك قبضها أيضاً؛ لأن المقصود من الخصومة استيفاء الدين فكان المقصود من الوكالة الاستيفاء فيملكه، ولأن من ملك شيئًا ملك إتمامه وإتمام الخصومة وانتهاؤها بالقبض (٦)، وعند زفر لا يملك؛ لأن الموكل رضي بخصومته لا بقبضه، وليس كل من يصلح للخصومة يؤتمن على القبض (٧).


(١) المبسوط، ١٩/ ٢، بتصرف يسير.
(٢) بدائع الصنائع، ٦/ ١٩.
(٣) بدائع الصنائع، ٦/ ٢٤.
(٤) تبيين الحقائق، ٤/ ٢٧٨، ونسبه إلى أبي حنيفة .
(٥) الاختيار، ٢/ ١٦٥، ولم أجد غيره يذكر الإجماع، بل يرده ما جاء في الهداية (٣/ ١٤٩) أن الوكيل بالتقاضي يملك القبض على أصل الرواية؛ لأنه في معناه وضعاً، إلا أن العرف بخلافه، والعرف قاضٍ على الوضع، والفتوى على أنه لا يملك. قلت: لعله قصد بالإجماع إجماع الأئمة الثلاثة من الحنفية، والله أعلم.
(٦) الهداية، ٣/ ١٤٩.
(٧) تحفة الفقهاء، ٣/ ٢٢٩، بدائع الصنائع، ٦/ ٢٤، الاختيار، ٢/ ١٦٤ - ١٦٥. جاء في العناية، ٨/ ١٠٦: "لأن الخصومة قول يستعمل في إظهار الحق والقبض فعل حسي".

<<  <   >  >>