للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الخامس: كيفية تطهير الخف ونحوه]

ترد هذه المسألة في كتب الحنفية في كتاب الطهارة باب الأنجاس عند ذكر تطهير بدن المصلي وثوبه ومكانه، وكذا خفه، فيقررون أن الخف إن كان عن ذي جرم (١) جف فيطهر بالدلك بالأرض، وأبو يوسف يجوز في رطب ذي جرم إذا بالغ (في الرطوبة)، وبه يفتى (٢).

ومعناه أن الخف إذا تنجس بنجس ذي جرم يطهر بالدلك، سواء كان جافاً أو رطباً؛ لقوله : "فمن أراد أن يدخل المسجد فليقلب نعليه، فإن رأى بهما أذى فليمسحهما بالأرض، فإن الأرض لهما طهور" (٣)، ولأن البلوى العامة تحققت، فلا معنى لاشتراط الجفاف إذ يلحق الناس بذلك حرج وهو مدفوع (٤).

والمسألة لها علاقة بمسألة: هل يتعين الماء لإزالة النجاسة؟ أم أن النجاسة تزول بأي مزيل؟

تحرير محل النزاع:

اختلف الفقهاء في كيفية إزالة نجاسة الخف ونحوه بين غسلها وبين مسحها بالأرض ودلكها بها على ثلاثة أقوال:

القول الأول: إن نجاسة الخف ونحوه تطهر بالدلك بالأرض كما تطهر بالغسل، وهو قول الحنفية -كما سبق-، وهو القول القديم للشافعي (٥)، ورواية عن أحمد (٦).


(١) أي جثة، وهي ما يرى بعد الجفاف. (ينظر: النهر الفائق، ١/ ١٤٣).
(٢) شرح الوقاية للمحبوبي، ٢/ ٩٥ - ٩٦، استحساناً لا قياساً، وهو كذلك قول أبي حنيفة كما في المبسوط (١/ ٨٢).
(٣) سيأتي تخريجه عند ذكر أدلة القول الأول.
(٤) بدائع الصنائع، ١/ ٨٤، الهداية، ١/ ٣٦، العناية، ١/ ١٩٥، كنز الدقائق، ص: ١٥٢، تبيين الحقائق، ١/ ٧٠، ونقل أن أبا يوسف يشترط زوال الرائحة، البحر الرائق، ١/ ٢٣٤، مجموع الأنهر، ١/ ٥٩، النهر الفائق، ١/ ١٤٣، وقد ذكر شرطًا آخر وهو زوال بقاء الأثر إلا أن يشق.
(٥) حلية العلماء، ١/ ٢٥٤، روضة الطالبين، ١/ ٢٨٠.
(٦) الكافي في فقه الإمام أحمد، ١/ ١٦٣، المغني، ٢/ ٦٢، وذكر أنه أولى، الإنصاف، ١/ ٣٢٣، وقال: "إنه أظهر، وإنه اختيار جماعة"، والمبدع في شرح المقنع، ١/ ٢١٣.

<<  <   >  >>