للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الرابع: السلم في الخبز]

السلم (١) عند الحنفية شراء آجل بعاجل (٢) -وهو بخلاف القياس؛ لأن الأصل أن يكون العوض حاضراً وقت العقد-، ومعناه بيع عوض موصوف في الذمة إلى أجل معلوم بثمن يُعطى عاجلاً، وعليه فإنه لا بد من قبض رأس المال في مجلس العقد وتأجيل المسلَم فيه أي ما وصف في الذمة، وهو جائز في المكيلات مثل الحنطة والذرة والموزونات كالحديد -غير النقدين؛ لأنهما أثمان، والمسلَم فيه لا يكون إلا مثمناً-، والمعدودات التي لا تتفاوت (٣).

وكل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه، وإلا فلا؛ لأنه يصير مجهولاً يفضي إلى المنازعة (٤).

والسلم في الخبز من المسائل المختلف فيها لصعوبة ضبط صفته؛ وذلك على قولين:

القول الأول: لا يجوز السلم في الخبز لا وزناً ولا عدداً؛ لأن الخبز يختلف بالعجن والنضج وكيفية الخبز، فمنه الخفيف ومنه الثقيل، ومع التفاوت لا يمكن تجويز السلم فيه، فتبقى الجهالة المفضية إلى المنازعة (٥)، وهو قول الطرفين (٦) –رحمهما الله-.


(١) وهو بمعنى السلف. ينظر: الاختيار، ٢/ ٣٣، تبيين الحقائق، ٤/ ١١٠.
(٢) رد المحتار، ٥/ ٢٠٩،
(٣) الجوهرة النيرة، ١/ ٢١٧.
(٤) الجوهرة النيرة، ١/ ٢٠٠.
(٥) بدائع الصنائع، ٥/ ٢١١.
(٦) ورواية أخرى عن الصاحبين أنه يجوز قياساً على اللحم. ينظر: المبسوط، ١٤/ ٣١.

<<  <   >  >>