للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: الطلاق بغير العربية]

مسألة الطلاق بغير العربية ترد في كتب الفقه الحنفي في الغالب عند ذكر الطلاق بالفارسية، فيذكرون بعض الألفاظ مثل (بِهَشْتَم (١) إن زن)، أو (بِهَشْتَم) بلا (إن زن)، أو (دها كنم) (٢)، فيقررون أن الطلاق الذي يقع في الشرع نوعان: صريح وكناية.

والصريح كل لفظ لا يستعمل إلا في حل قيد النكاح، ومثاله لفظ الطلاق أو التطليق مثل: أنتِ طالق أو أنتِ الطلاق أو طلقتك، وسُمي صريحاً؛ لأن الصريح يطلق على ظاهر المراد مكشوف المعنى؛ فهو لا يستعمل إلا في الطلاق عن قيد النكاح فلا يُحتاج فيه إلى النية؛ لأن النية عملها في تعيين المبهم، ولا إبهام هنا (٣).

وأما الكناية فكل لفظ يُستعمل في الطلاق كما يستعمل في غيره، مثل أمرك بيدك، اعتدي، خليت سبيلك، لا سبيل لي عليك، أنت حرة، قومي، اخرجي، انتقلي إلخ.، وسمي كناية؛ لأنها ما استُتر المراد منه عند السامع، فاحتاج إلى قريبة النية، الطلاق لا يقع إلا بها. (٤)

واختلفوا في بعض الألفاظ الفارسية هل هي من الصريح أم الكناية، فقوله: (بِهَشْتَم إن زن) عند أبي يوسف ومحمد من الصريح؛ لأن أبا يوسف خالط العجم فعرف أنه في لغتهم من الصريح، بخلاف لفظ (بِهَشْتَم) فقط الذي معناه خلَّيت، وهو عند أبي يوسف من الكنايات إذا لم يضفه إلى النكاح أو الزوجة، فلا يحمل على الطلاق إلا بقرينة نية أو دلالة حال، وعند محمد مطلقاً؛ لأن معناه في العربية أنت مخلاة أو قد خليتك (٥).


(١) وجدتها مع التشكيل اللفظي في كشاف القناع (٥/ ٢٤٩) حيث قال: " (وصريحه) أي الطلاق (بلسان العجم بهشتم) بكسر الباء الموحدة وسكون الشين المعجمة وفتح المثناة فوق".
(٢) في الكتب هي هكذا (دها كنم)، وقد سألت أصحاب اللغة الفارسية الذين هي لغتهم الأم، فقالوا إنها (رِهاَ كُنَمْ) ومعناها: (أُطْلِقُ صَرَاحَهَا).
(٣) بدائع الصنائع، ٣/ ١٠١ - ١٠٢، بتصرف.
(٤) بدائع الصنائع، ٣/ ١٠٥ - ١٠٦، بتصرف يسير.
(٥) وابن قدامة نسبه إلى أبي حنيفة أيضاً في المغني، ٧/ ٣٨٨، ولم أجده في كتب الحنفية.

<<  <   >  >>