للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: السفر بالزوجة قبل إعطائها مهرها]

من المسائل المهمة في كتاب النكاح ما يتعلق بالمهر ونوعه، وأقله وأكثره، ووقت إعطائه وأثر ذلك على النكاح والحياة الزوجية؛ ففي كتب الحنفية ينصون على أن للمرأة أن تمنع نفسها عن زوجها، وألا تسافر معه حتى يعطيها مهرها إلا إذا كان مؤجلاً (١)، واختلفوا في سفرها معه فيما لو أعطاها مهرها كله، فمنهم من قال: إنه يسافر بها إلى أي مكان يريد (٢)، ومنهم من قال: إنه لا يسافر بها (٣) (٤)، وعليه الفتوى، بدليل أن الزمان قد فسد، والغريب يؤذى (٥).

وبعضهم فصَّل المراد من عدم السفر بها بألا يخرجها إلى بلد غير بلدها؛ لأن الغريبة تؤذى فيه، والغربة لا تتحقق في الذهاب إلى القرى القريبة (٦).

وهذه المسألة من مسائل اختلاف العصر والزمان وليس الحجة والبرهان (٧)، وبيان ذلك أن الأمر اختلف مما كان في زمان الإمام، ففي زمانه الغالب من حال الناس الصلاح، وأما في الأزمنة المتأخرة فعكس ذلك؛ وعليه فلا يملك الزوج أن يسافر بها وإن أوفى مهرها، والسبب أن المرأة إذا كانت بين عشيرتها فالزوج لا يقدر على أن يظلمها، ومتى نقلها إلى بلد آخر ظلمها (٨).


(١) الاختيار، ٣/ ١٠٩.
(٢) بدائع الصنائع، ٢/ ٢٩٠، ونسبه إلى أبي حنيفة –.
(٣) بدائع الصنائع، ٢/ ٢٩٠، ونسبه إلى محمد بن سلمة، وأنه كان يفتي بذلك بحكاية أبي جعفر الهندواني عنه.
(٤) والذي يظهر أنه ليس له أن يسافر بها إلا بإذنها، بمعنى لو امتنعت فلا يعد نشوزاً، والله أعلم.
ثم وجدت في رد المحتار ما يفيد ذلك، (٣/ ١٤٦).
(٥) الاختيار، ٣/ ١٠٩.
(٦) الهداية، ١/ ٢٠٦، قلت: الذي يظهر أن له أن يذهب بها إلى أي مكان يريد، لكن دون مسافة السفر، ولذلك نصوا على القرى القريبة.
(٧) رد المحتار، ٣/ ١٤٦.
(٨) المرجع السابق، ٣/ ١٤٦ - ١٤٧، فأضاف على أذية الغريب أذية الرجل الظالم لزوجته، وهما جانبا المنع، والله المستعان.

<<  <   >  >>