للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل قال بعضهم إن من عادة زمانهم حصول مُضارة قطعية في الاغتراب بها (١).

فاستقر القول على ذلك وليس فيه العدول عن ظاهر الرواية؛ لأن الإمام لو عاش أو رأى ذلك لقال به، فهو مذهبه حكماً (٢)، ويفهم منه أن الحكم لن يختلف لولا الغربة والظلم.

وبعد الاطلاع على بقية المذاهب تبين لي أن المسألة أقرب إلى الوفاق بينهم، وأن الخلاف بينهم أشبه بالخلاف اللفظي، وبيانه على النحو الآتي:

- المالكية نصوا على أن للزوج أن يظعن أي أن يسافر بزوجته من بلد إلى بلد وإن كرهت، وينفق عليها، واشترطوا حرية الزوج وأمانته وإحسانه إليها، وأمن الطريق وأن تكون البلد قريبة بحيث لا ينقطع خبرها عن أهلها (٣).

- وعند الشافعية للزوج أن يسافر بزوجته إلى أي بلد شاء (٤)، لكن بشرط أمن الطريق، وإذا امتنعت عن السفر معه كانت ناشزاً (٥).

- وعند الحنابلة للزوج أن يسافر بزوجته الحرة إلى الجهة التي يريد بشرط أمن الطريق (٦).

وإن الناظر في الأقوال السابقة وتعليلاتها سيجد أن من منع سفر الزوجة مع زوجها تعليله عدم أمن الطريق أو ظلم المرأة، وهو شرط لم يتحقق فيمنع، ومن أوجب سفرها مع زوجها لاستيفاء حقه منها اشترط عدم وجود ما علل به من منع، فلا فرق.


(١) المبسوط، ٣/ ١٤٧.
(٢) المبسوط، ٣/ ١٤٧.
(٣) التهذيب في اختصار المدونة، ٢/ ٤٠٤، شرح الزرقاني على مختصر خليل، ٤/ ١٠، مواهب الجليل، ٣/ ٥٠٣، الجامع لمسائل المدونة، ٩/ ٥٣٢.
(٤) البيان في مذهب الإمام الشافعي، ٩/ ٢٦٩، المجموع (تكملة المطيعي)، ١٦/ ٢٤٠، روضة الطالبين، ٤/ ٨١.
(٥) نهاية المحتاج، ٧/ ٢٠٦.
(٦) الإقناع، ٣/ ٢٣٩، منتهى الإرادات، ٤/ ١٧٦، الإنصاف، ٨/ ٣٤٧.

<<  <   >  >>