للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: في مسائل النفقة]

[المطلب الأول: وقت وجوب النفقة للزوجة وقدرها]

هذه مسألة من أولى مسائل كتاب النفقات عند الحنفية، ويقررون أنه تجب للمرأة النفقة والكسوة والسكنى بتسليم نفسها في منزل زوجها (١)، وتكون على قدر حال الزوج؛ لقوله تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧] (٢)، فالآية تبين أن التكليف بحسب الوسع، وأن النفقة على الرجال بحسب حالهم (٣)، وقيل: على قدر حالهما جمعاً بالآية السابقة وحديث عائشة أن النبي قال لهند : "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك" (٤) (٥)، وبه يفتى (٦)، وعليه المتون والشروح (٧).


(١) وكذا عند المالكية بمعنى التمكن من الاستمتاع كما في شرح مختصر خليل الخرشي، ٤/ ١٨٣، والشافعية كما في المهذب في فقه الإمام الشافعي، ٣/ ١٤٨، والحنابلة كما في الكافي في فقه الإمام أحمد، ٣/ ٢٢٧، فالمسألة محل الاتفاق بين المذاهب.
(٢) تبيين الحقائق، ٣/ ٥١، وهو ظاهر الرواية كما في اللباب، ٣/ ٩٢.
(٣) المبسوط، ٥/ ١٨٢.
(٤) أخرجه مسلم، ٣/ ١٣٣٨، كتاب الأقضية، باب قضية هند، رقم حديث: ١٧١٤، وهو حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أنها قالت: دخلت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان على رسول الله ، فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني إلا ما أخذت من ماله بغير علمه، فهل علي في ذلك من جناح؟ فقال رسول الله : "خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك".
(٥) مختصر القدوري، ص: ١٧٢، تبيين الحقائق، ٣/ ٥١، وقال: "فقد اعتبر حالها، والحديث صحيح مذكور في الصحيحين، وما تلاه [من الآيتين] يقتضي اعتبار حال الرجل فاعتبرنا حالهما عملاً بهما".
(٦) مجمع البحرين، ص: ٦٠٠، البداية، ص: ٨٨، الهداية، ٢/ ٢٨٥.
(٧) رد المحتار، ٣/ ٥٧٤. قلت: لعلهم عدلوا عن الفتوى بظاهر الرواية؛ لتبدل العرف، وذلك سبب معتبر عند الحنفية، أو لأنه أرفق بالناس.

<<  <   >  >>