للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث التاسع عشر: كيفية تقدير حكومة العدل]

عرف الحنفية حكومة العدل بأنها أرش غير مقدر (١)، ومثالها أن يقوّم المجني عليه بدون أثر الجرح ويقوم وبه هذا الأثر، ثم ينظر إلى تفاوت ما بين القيمتين (٢)، سواء كان المجني عليه حرًّا أو مملوكًا، فإن كان مملوكاً فذَا، وإن كان حراً فيقوم كأنه مملوك (٣)، وبه يفتى (٤).

ويذكرون هذه المسألة في كتاب الديات عند ذكر الشجاج وأنواعها وما يجب فيها (٥)، وصورتها لو جنى جانٍ على شخص فجرحه جرحًا لا أرش فيه بل حكومة، كيف يكون تقدير ما يأخذ المجني عليه من الدية عن طريقها؟

وبعد البحث تبين أن العلماء عامة اختلفوا فيما فيه الحكومة، واتفقوا على كيفية تقديرها:

فعند المالكية تُقدَّر بما نقص من قيمة المجني عليه أن لو كان عبدًا (٦).

والشافعية عرفوها بمثال الجارية فُقئت عينها كم كانت قيمتها وعينها قائمة وكم قيمتها بعد فقء عينها (٧).


(١) بدائع الصنائع، ٧/ ٣٢٣، ومفهومه أن ما لا قصاص فيه من الجنايات ما دون النفس وليس له أرش مقدر ففيه الحكومة، ومن أمثلة ما تلزم به الحكومة: كسر العظام إلا السن، وقطع لسان الأخرس وإتلاف العين القائمة الذاهب نورها وهكذا.
(٢) شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ١٦٥، الهداية، ٤/ ٤٦٦.
(٣) بدائع الصنائع، ٧/ ٣٢٤.
(٤) شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ١٦٥.
(٥) شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ١٦٥، الهداية، ٤/ ٤٦٦. وبعضهم يذكرها أيضاً عند ذكر الجنايات في الحج، ويمثلون بذلك من أخذ من شاربه وهو محرم. ينظر: تبيين الحقائق مع حاشية الشلبي، ٢/ ٥٥.
(٦) بداية المجتهد وكفاية المقتصد، ٤/ ٢٠٤، ونص على أنه عند مالك . وبعض المتأخرين من المالكية انتقد تعريف الحكومة بالمحكوم به فقال: إنها الاجتهاد وإعمال الفكر فيما يستحقه المجني عليه من الجاني. ينظر: حاشية الصاوي، ٤/ ٣٨١. وجاء في المدونة ما يؤيد ذلك. ينظر: المدونة، ٤/ ٦٠٤.
(٧) الأم، ٦/ ٧١، المهذب في فقه الإمام الشافعي، ٣/ ٢٣٣.

<<  <   >  >>