للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطلب الثالث: من حلف أن لا يتكلم فقرأ القرآن]

هذه مسألة أخيرة من مسائل الأيمان في هذا المبحث، وصورتها شخص حلف أن لا يتكلم فقرأ القرآن؛ فهل يحنث أم لا؟

وفقهاء الحنفية يذكرونها في كتاب الأيمان، ويفرقون بين من قرأ القرآن في الصلاة وغيرها، فإن قرأه في الصلاة لم يحنث؛ لأنه لا يسمى كلاماً شرعاً (١)، ولأن ذاك غير مراد ولا مقصود باليمين (٢)، وإن قرأه خارجها كذلك (٣)؛ لأنه لا يسمى متكلما عرفاً، بل قارئاً (٤)، والفتوى على ذلك (٥).

وهو خلاف ظاهر الرواية الذي بُني على عرف المتقدمين، واختير للفتوى خلافه بناءً على العرف المتأخر، والأيمان مبناها على العرف (٦)، وقد استقر قول الحنفية على ذلك.

والقول بأن من حلف أن لا يتكلم لا يحنث بقراءة القرآن مطلقاً سواء داخل الصلاة أم خارجها هو قول بقية المذاهب من المالكية (٧)، والشافعية (٨)، والحنابلة (٩).

وعليه فإن المسألة محل اتفاق الفقهاء، ومن أدلتها ما يلي:


(١) العناية، ٥/ ١٤٦.
(٢) لأن الإنسان لا يحلف على ترك الكلام كي يترك الصلاة، فعلم أن الموجود في الصلاة لا يسمى كلامًا حرفًا، ولأن الكلام حرام في الصلاة، وهذا مباح. (ينظر: البناية، ٦/ ١٩٦ - ١٩٧)
(٣) وظاهر الرواية على أنه يحنث. (ينظر: شرح مختصر الطحاوي للجصاص، ٧/ ٤٤٨، رد المحتار، ٣/ ٧٩٤).
(٤) الهداية، ٢/ ٣٢٩، الاختيار، ٤/ ٥٩، الجوهرة النيرة، ٢/ ١٩٨،
(٥) زاد الفقهاء، ٥٨٦ - ٥٨٧، البناية، ٦/ ١٩٧.
(٦) رد المحتار، ٣/ ٧٩٤.
(٧) التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب، ٣/ ٣٤٢، ولم أجد غيره ذكر حكم المسألة.
(٨) المهذب في فقه الإمام الشافعي، ٣/ ١٠٩، نهاية المطلب، ١٨/ ٤٠٠، المجموع، ١٨/ ٨٤.
(٩) الكافي في فقه الإمام أحمد، ٤/ ٢٠٩، المغني، ٩/ ٦١٨، الإنصاف، ١١/ ٩٣.

<<  <   >  >>