للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفتوى على قولهما بدليل من القرآن الكريم والاستعمال العرفي (١).

وقيل: هذا اختلاف عصر وزمان؛ لأن التحلي به على الانفراد أصبح عادة في وقتهما (٢)، فكل واحد منهم قال على عادة زمانه (٣)، وهو سبب ترجيح قولهما على قول إمامهما.

والقول بأن اللؤلؤ حلي هو قول بقية المذاهب من المالكية (٤)، والشافعية (٥)، والحنابلة (٦)، وخلاصة المسألة أن من حلف ألا يلبس حلياً فلبس اللؤلؤ حنث؛ لأنه من الحلي.

وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة من القرآن الكريم والقياس والعرف.

أما القرآن فقوله تعالى: ﴿وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ [النحل: ١٤].

وجه الدلالة: المستخرج من الجوهر اللؤلؤ غير مرصع وقد سماه حلياً.

وأما القياس فلأن اللؤلؤ حلي مع غيره فكان حلياً وحده كالذهب (٧).

قد يناقش بأن القياس مع الفارق، ويرده إجماع العلماء على أنه لا زكاة في الحلي إذا كان جوهراً لا ذهب فيه ولا فضة إلا أن يكون للتجارة (٨).

والعرف يؤيده، فإن اللؤلؤ ولو كان غير مرصع يسمى حلياً.

وعلى فرض وجود الخلاف فإن المسألة لها فائدة عملية تظهر في هذه الصورة إذا حلف ألا يلبس حلياً، فلا يحنث على قول أبي حنيفة، ويحنث على قول غيره من الأئمة.


(١) الاختيار، ٤/ ٧١، والهداية، ٢/ ٣٣٦، شرح الوقاية للمحبوبي، ٣/ ١٨٦، مجمع البحرين، ص ٧٣٥.
(٢) الهداية، ٢/ ٣٣٦، مجمع البحرين، ص: ٧٣٥، العناية، ٥/ ١٩١.
(٣) البناية، ٦/ ٢٤٠.
(٤) الإشراف على نكت مسائل الخلاف، ٢/ ٩٠٠، وقال: "إنه وجد الجواهر مسماة بالحلي ومعدودة من أفخره وأنفسه فكانت كالذهب". ولم أجد غيره من المالكية تكلم عن هذه المسألة.
(٥) المجموع (تكملة المطيعي)، ١٨/ ٧٧، مغني المحتاج، ٦/ ٢١٥.
(٦) الشرح الكبير، ١١/ ٢٤٠، الإنصاف، ١١/ ٧٨.
(٧) الشرح الكبير، ١١/ ٢٤٠.
(٨) الاستذكار، ٣/ ١٥٣.

<<  <   >  >>