للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثامن: تذكية الصيد إذا أدركه المرسل (١) حيًّا:

تأتي هذه المسألة في كتاب الصيد عند ذكر أحكام الجوارح -وهي حيوانات معلمة (٢) -، وصورة المسألة لو أن صائداً أرسل كلبه المعلم، وذكر اسم الله عليه عند إرساله وجرح الكلب الصيدَ أي المصِيدَ فمات ولم يأكل منه حل أكله (٣)، لكن لو وجد المرسل الصيدَ حيًّا، فلا يخلو إما أن يتمكن من ذبحه أو لا، فإن تمكن من ذبحه ولم يذبحه حتى مات لم يؤكل سواء كانت الحياة فيه بينة أو خفية (٤)، وإن ذبح حل عند الجميع (٥)، وذلك إذا كان يتوهم بقاء الصيد على قيد الحياة، وأما إذا شق الكلب المعلم بطنَ الصيد مثلاً وأخرج ما فيه، ثم وقع في يد المرسل حيًّا حل عند الصاحبين؛ لأن ما بقي فيه من الحياة اضطراب المذبوح فقط ولا عبرة بذلك، كما إذا وقعت شاة في الماء بعد ذبحها، وأما عند أبي حنيفة فلا يؤكل؛ لأنه وقع في يده حيًّا، فلا يحل إلا بذكاة الاختيار (٦)، بدليل قوله تعالى: ﴿إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ﴾ [المائدة: ٣]، وقد استثناه مطلقًا من غير فصل، وعليه الفتوى (٧).


(١) وهو من أرسل الكلب المعلم أو البازي المعلم أو السهم ليصيد به. ينظر: بداية المبتدي، ص: ٢٢٨، العناية، ١٠/ ١٢١.
(٢) العناية، ١٠/ ١١٣، ويصفونها بأنها آلة الصيد.
(٣) اللباب في شرح الكتاب، ٣/ ٢١٨.
(٤) الحياة الخفية: القدر الذي يعلم به أن المصيد حي، والبينة أو الظاهرة: القدر الذي فوق الخفية. ينظر: البناية، ١٢/ ٤٢٥.
(٥) المراد به علماء المذهب.
(٦) وهي الأصل، وبدلها ذكاة الاضطرار وهي الصيد. ينظر: البناية، ١٢/ ٤٢٢.
(٧) الهداية، ٤/ ٤٠٣ - ٤٠٤، العناية، ١٠/ ١٢١ - ١٢٢.

<<  <   >  >>