للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السابع: إسقاط حق الشفعة بالاحتيال وبتأخير الخصومة والمحاكمة]

هذه المسألة مدارها على نفي الضرر وتحقيق المصالح، ولها شقان، شق يتعلق بالاحتيال (١)، وشق يتعلق بالتأخير.

إسقاط حق الشفعة بتأخير الخصومة والمحاكمة

وأما إسقاط الشفعة بتأخير الخصومة والمحاكمة فقد اختلف أئمة المذهب الحنفي في ذلك؛ فعند أبي يوسف أن حق الشفعة يسقط إذا ترك الشفيع مجلساً أو مجلسين من مجالس الحكم، وعنه ثلاثة أيام، لأنه دليل الإعراض، ومحمد قدَّر ذلك بشهر (٢)، لأن المشتري يتضرر بالتأخير؛ لنقض تصرفاته، فقدَّره بالشهر؛ لأنه أقل الآجل وأكثر العاجل، ومرادهما إذا ترك لغير عذر.

وعند أبي حنيفة ورواية أخرى عن أبي يوسف (٣) أنه حق ثابت لا يسقط بالتأخير كسائر الحقوق، وضرر المشتري يمكن دفعه بالمرافعة إلى القاضي حتى يوقِّت له وقتاً يوفيه فيه الثمن وإلا بطل حقه بإسقاطه هو (٤)، إلا لعذر مثل مرض أو حبس (٥).

والفتوى على قول أبي حنيفة (٦).


(١) ومعنى الحيلة أن يظهروا في البيع شيئاً لا يؤخذ بالشفعة معه ويتواطؤون في الباطن على خلافه. ينظر: الشرح الكبير على متن المقنع، ٥/ ٤٦١، المغني، ٥/ ٢٦٢.
(٢) وقيل: إن عليه الفتوى أيضاً. ينظر: شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ٥٦.
(٣) تبيين الحقائق، ٥/ ٢٤٤، وأكد على أنه ظاهر الرواية.
(٤) الهداية، ٤/ ٣١٢.
(٥) تبيين الحقائق، ٥/ ٢٤٤.
(٦) الهداية، ٤/ ٣١٢، الاختيار، ٢/ ٤٥، البحر الرائق، ٨/ ١٤٨، اللباب في شرح الكتاب، ٢/ ١٠٨، وقيل: إن الفتوى على قولهما، ومفاده تحديد المدة، ونسبه إلى المحيط. قلت: هو المحيط الرضوي؛ لأنه المراد عند الإطلاق. ويلاحظ أن أقوالهم -إلا قول أبي يوسف الأول- تدور حول المدة، وأن حق الشفعة يسقط بطولها، لكنهما قالا بمدة معينة ابتداءً، والإمام أرجع التحديد إلى القاضي، والقاضي قد يوافق المدة التي حدَّداها وقد لا يوافق. وإلا فيقدم ترجيح الهداية على المحيط؛ لأن كتاب الهداية شرح معتمد على متن معتمد.

<<  <   >  >>