للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو قول المالكية (١)، والشافعية (٢)، والحنابلة (٣).

ويظهر مما سبق أن الفقهاء متفقون على أن الشفعة حق ثابت، ولا يسقط بمجرد التأخير، وإنما إذا فرَّط الشفيع بتأخير المطالبة تأخيراً يضر بالمشتري أو البائع عرفاً، وبلا عذر، وحينها يكون هو من أسقط حقه، والله أعلم.

إسقاط حق الشفعة بالاحتيال:

أما إسقاط حق الشفعة بالاحتيال فإن الحنيفة يرون جواز ذلك (قبل وجوبها) (٤)؛ للمصلحة أو لدفع الضرر (٥)، فيقولون: إن الشفعة إنما شرعت لدفع ضرر الجوار، فالمشتري إن كان ممن يتضرر به الجيران فلا يحل إسقاطها، وإن كان رجلاً صالحا ينتفع به الجيران، والشفيع متعنت لا يحب جواره فحينئذ يحتال في إسقاطها (٦).

ومثال ذلك لو أن شخصاً باع داراً إلا ذراعاً منها في طول الحد الذي يلي دار الشفيع، فالشفيع لا يستحق الشفعة؛ أما في قدر الذراع فلانعدام الشرط وهو البيع، وأما فيما وراء ذلك فلانعدام السبب وهو الجوار (٧).


(١) التاج والإكليل، ٧/ ٣٨٣، منح الجليل، ٧/ ٢١٢، وقالوا بأن الشفعة لا تسقط إلا إذا مضى من طول الأمد ما يُرى أن الشفيع تارك لحقه، وهذا يختلف باختلاف الأزمان والأمصار، ولا ينضبط إلا بالعرف.
(٢) مختصر المزني، ٨/ ٢١٩، البيان في مذهب الإمام الشافعي، ٧/ ١٣٤. وقيَّدوا ذلك بوجود عذر، فإن سأل التوقف حتى يحضر الثمن جاز أن ينظره الحاكم به يوماً أو يومين وأكثره ثلاثاً، فإن جاء بالثمن كان على حقه من الشفعة، وإن أخَّره عن المدة التي أنظره الحاكم بها بطلت شفعته. ينظر: المجموع (تكملة المطيعي)، ١٤/ ٣١٢. ويظهر من ذلك أن العجز عن السداد في وقته لا يعد عذراً إلا فيما يحدده القاضي.
(٣) المغني، ٥/ ٢٤١، الشرح الكبير على متن المقنع، ٥/ ٤٧٤ - ٤٧٥، الإنصاف، ٦/ ٢٦٣.
(٤) الاختيار، ٢/ ٤٨، بدائع الصنائع، ٢/ ١٥.
(٥) وقيَّدوا ذلك أن يحتال لإسقاطها قبل وجوبها. ينظر: الاختيار، ٢/ ٤٨.
(٦) بداية المبتدي، ص: ٢١١، الاختيار، ٢/ ٤٨، شرح الوقاية للمحبوبي، ٥/ ٦٣.
(٧) بدائع الصنائع، ٥/ ٣٤، رد المحتار، ٦/ ٢٤٤.

<<  <   >  >>