للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفقهاء الحنفية ينصون على أنه يجوز ذلك لأن الخبز بعد صنعه صار عددياً أو موزوناً فخرج من أن يكون مكيلاً من كل وجه، والحنطة مكيلة (فلم توجد علة الربا إذا كانا نقدين) (١)، وذلك عند الصاحبين، وعند أبي حنيفة لا خير فيه (٢)، والفتوى على الأول (٣).

دراسة المسألة دراسة مقارنة

اختلف الفقهاء (٤) في جواز بيع الخبز بالحنطة والدقيق من جنسه متفاضلاً على قولين:

القول الأول: يجوز بيعه بالحنطة والدقيق متفاضلاً، وهو قول الحنفية –كما سبق- والمالكية (٥)، وقول عند الشافعية (٦).

القول الثاني: لا يجوز بيعه بالحنطة والدقيق متفاضلاً، وهو قول آخر عند الشافعية، (٧) والحنابلة. (٨)

الأدلة والمناقشات:


(١) مجمع الأنهر، ٢/ ٨٨، وأما النسيئة فسيأتي ذكرها في المسألة القادمة.
(٢) وعنه في أصح الروايتين أنه يجوز، وهو ظاهر مذهب الأئمة الثلاثة من الحنفية، وعليه الفتوى. ينظر: رد المحتار، ٥/ ١٨٢.
(٣) الهداية، ٣/ ٦٥، الاختيار، ٢/ ٣٢، تبيين الحقائق، ٤/ ٩٥.
(٤) قلت: ويظهر أن سبب اختلافهم في هذه المسألة مبني على اختلافهم في علة ربا الفضل في غير الذهب والفضة، فمن رأى أن علة ربا الفضل الكيل في المكيلات والوزن في الأثمان والمثمنات، أو أنها الاقتيات والادخار قال بجواز بيع الخبز بالحنطة لما ذكروا أن الخبز أصبح عددياً أو موزوناً، وخرج من أن يكون مكيلاً، ولأنه لا يدخر وإن يقتات، ومن قال بأن علة الطعام الطعم أو الطعم مع الكيل والوزن فقد منع بيع الخبز بالحنطة؛ لأنه مطعوم موزون، وإذا كان الخبز مطعوماً عددياً لا يكال ولا يوزن فهو خارج المسألة بالتأكيد؛ لأن العددية ليست بعلة. والله أعلم. ينظر: تحفة الفقهاء، ٢/ ٢٥، شرح مختصر خليل للخرشي، ٥/ ٥٧، المجموع شرح المهذب، ٩/ ٤٠١، المغني، ٤/ ٦.
(٥) الكافي في فقه أهل المدينة، ٢/ ٦٥١، التفريع في فقه الإمام مالك بن أنس، ٢/ ٨٠.
(٦) المجموع (تكملة السبكي)، ١١/ ١٢٢.
(٧) المجموع (تكملة السبكي)، ١١/ ١٢٢، البيان في مذهب الإمام الشافعي، ٥/ ٢١٩.
(٨) الإنصاف، ٥/ ٢٦، شرح منتهى الإرادات، ٢/ ٦٧.

<<  <   >  >>