للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- أن صاحب التقسيم نظر إلى حال النشاط العلمي إلى نهاية القرن السابع فعلّقه به كما فعل ذلك من كتب عن أدوار الفقه عمومًا وفي الفقه الحنفي خصوصًا، ولو علقه بموت النسفي (ت ٧١٠ هـ) –آخر المجتهدين في المذهب- لكان أضبط في نظر الباحث إذا نظرنا إلى التقسيم بأنه تفصيل لفترات زمنية اتصفت بوجود علماء ذوي صفات لا توجد إلا فيهم وفي هذه الفترة (١)،

- ومنها أن تضاف طبقة أخرى تسمى ب (ما بعد المتأخرين) إذا نظرنا إلى التقسيم بأنه تفصيل لفترات زمنية مجردة لا علاقة لها بصفات الفقهاء، وهو أظهر عندي؛ لعدم وضوح أسباب علمية لتحديد الفواصل بين طبقة وطبقة.

والثالث لم يُلتفت إليه كثيرًا؛ لأنه مجرد سرد أسماء "المشاهير من الأئمة الذين نقلوا علم الشريعة ونشروه بين الأمة الأقدم فالأقدم". (٢)

وأنسب هذه التقسيمات التقسيم الثاني مع مراعاة الأجوبة عن الإشكال الوارد فيه بحيث تنتهي فترة المتأخرين بموت النسفي، وما بعدها يطلق عليه فترة (ما بعد المتأخرين)، وتستمر إلى الوقت الحاضر.


(١) وبعضهم صرح بذلك وقال: إن هذا التقسيم "يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتقييم آراء المذهب، فطبقة السلف (أو المتقدمين) آراؤها أساس المذهب بلا جدال، وعلى ضوء آراء هذه الطبقة انبعثت اجتهادات وتخريجات طبقة الخلف". (ينظر: دراسات في الفقه الإسلامي، ص: ٥٨). لكن الإشكال ليس في جعل طبقة السلف أو الخلف طبقة علمية بقدر ما هو إشكال في طبقة المتأخرين، وجعل هذه الطبقة من الطبقات الزمنية المحضة لا علاقة لها بالدرجات العلمية يزيل الإشكالات التي أثيرت حول هذا التقسيم.
(٢) ينظر: طبقات الحنفية لابن الحنائي، ص: ١٣٩.

<<  <   >  >>