للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- حركة تدوين الفقه سارت في اتجاهين اثنين: الأول: تركيز الجهود على دراسة المصنفات القديمة شرحاً وتعليقاً واختصاراً ونظماً أو جمعاً وترتيباً، والثاني: دراسة الفقه على مبدأ النقد والتنقيح والاختيار.

- فترة وضع المصطلحات المتعلقة بعلامات الإفتاء والترجيح.

- فترة انتشار المختصرات الفقهية، والمتون المعتمدة التي أُلفت فيها حقيقة (١) أو حكماً (٢).

المسألة الثانية: قوة المذهب والقول فيه في فترة المتأخرين:

بناءً على ما سبق من تحديد فترة المتأخرين وذكر بعض خصائصها وميزاتها تبين أنها فترة حافلة بالعلم والعلماء والإبداع وتنظيم العلم وخدمته؛ ففيها ألفت المتون المعتمدة الموضوعة لنقل ظاهر الرواية، وكذلك الشروح عليها.

ويلاحظ فيها تركيز العلماء على أقوال أئمة المذهب المجردة عن الدليل، فحرروها واستدلوا عليها، وبينوا أصول الأئمة، وتوسعوا في المناقشات والرد على المخالف.

وفيها ظهر نوع جديد من النشاط العلمي وهو النقد والتنقيح، ومن ثم اختيار القول الراجح بوضع الألفاظ والمصطلحات الدالة عليه مثل عليه الفتوى.

فما صُحِّح بناءً عليها يعتبر قولًا راجحًا في المذهب.

وكل ذلك أدى إلى تقوية المذهب وتنظيمه، فهي فترة تخريج الأصول، ورجحان القول، والإبداع العلمي، وتنظيم المذهب ومسائله.


(١) مثل البداية للمرغيناني (٥٩٣ هـ) والمختار للموصلي (ت ٦٨٣ هـ) إلخ.
(٢) مثل مختصر القدوري (ت ٤٢٨ هـ)؛ لأن المرغيناني (ت ٥٩٣ هـ) في متن البداية جمع فيه بين مختصر القدوري والجامع الصغير، وهذا لما قبل بداية فترة المتأخرين، وأما بعد انتهائها فمثل النقاية لصدر الشريعة (ت ٧٤٧ هـ)؛ لأنه اختصار للوقاية لتاج الشريعة (ت ٦٧٣ هـ).
ومثل الملتقى للحلبي (ت ٩٥٦ هـ) لأنه جمع فيه مسائل القدوري والمختار والكنز والوقاية.
ومثل الكنز للنسفي (ت ٧١٠ هـ أو ٧٠١ هـ) فإنه من المحتمل أنه ألف الكنز قبل ذلك الوقت.

<<  <   >  >>