للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الثاني:

استدل القائلون بأن الجزاء على القاتل فقط بدليل اجتماع السبب والمباشرة، فقالوا: إنه وُجد من الآخذ أو الممسك سبب، ومن القاتل مباشرة، وإذا اجتمع السبب والمباشرة تعلق الضمان بالمباشرة قياساً على قتل الآدمي (١).

أدلة القول الثالث:

استدل القائلون بأن الجزاء على نصفين، لكل واحد منهما النصف بأدلة، منها:

الدليل الأول: قوله تعالى: ﴿فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ﴾ [المائدة: ٩٥].

وجه الدلالة: لو أن جماعة قتلوا صيداً، فيلزمهم مثله، والزائد خارج عن المثل، فلا يجب.

نوقش بأن قوله تعالى: ﴿من النعم﴾ لم يخرج تفسيراً للمثل، وبيانه أن قوله: ﴿فجزاء مثل ما قتل﴾ كلام تام بنفسه مفيد بذاته من غير وصله بغيره؛ لكونه مبتدأً وخبراً، وقوله: ﴿مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ﴾ [المائدة: ٩٥] يمكن استعماله على غير وجه التفسير للمثل؛ لأنه كما يرجع إلى الحكمين في تقويم الصيد المتلف يرجع إليهما في تقويم الهدي الذي يوجد بذلك القدر من القيمة، فلا يجعل قوله: ﴿مثل ما قتل﴾ مربوطاً بقوله ﷿: ﴿من النعم﴾ مع استغناء الكلام عنه (٢).

الدليل الثاني: لأنه جزاء عن مقتول يختلف باختلافه، فكان واحداً كالدية، أو كما لو كان القاتل واحداً (٣).


(١) البيان في مذهب الإمام الشافعي، ٤/ ٢٤٨، المجموع، ٧/ ٤٣٧.
(٢) بدائع الصنائع، ٢/ ١٩٩.
(٣) المغني، ٣/ ٤٥٢، وقد ذكر الدليلين ووجههما، نسب القول إلى عمر بن الخطاب، وابن عباس، وابن عمر ، ومن غيرهم عطاء، والزهري، والنخعي، والشعبي، والشافعي، وإسحاق، ولم أقف عليه إلا ما أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه: "عن ابن عمر أنه سئل عن قوم من المشاة قتلوا صيداً، قال: (عليهم جزاء واحد) ". ينظر: المصنف، ٣/ ٣٩٢، كتاب الحج، في القوم يشتركون في الصيد وهم محرمون، برقم: ١٥٢٤٧، وفي سنده انقطاع.

<<  <   >  >>