للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دليل القول الثاني:

لم أجدهم يذكرون الدليل لهذه المسألة، لكن يمكن الاستدلال بقولهم: إن الحج على الفور، وليس للزوج منعها حينئذ (١)، وعليه فلا تسقط النفقة.

قد يجاب بأنه ليس له منعها، لكن له أن يمنع النفقة لفوات الاستمتاع بها.

الترجيح:

بعد استعراض القولين يظهر أن القول الثاني أقرب للصواب؛ لأن فوت الاحتباس الآن تغير؛ ففي قديم الزمان حج المرأة كان يأخذ ثلاثة أشهر وأكثر (٢)، وأما الآن فكلها أيام قليلة، وقد لا تتجاوز زيارة الزوجة أهلها في الغالب، ويكون من الصعب إطلاق القول إنها محبوسة في سفرها لأداء الحج، وما دون ذلك من باب أولى، والله أعلم.

والمسألة لها فائدة عملية تظهر فيما لو سافرت الزوجة مع محرم لها غير الزوج لأداء الحج الفرض، وكانت نفقتها مائة ريال لكل يوم مثلاً، فعلى القول الأول تسقط نفقتها عنه بقدر عدد أيام غيابها، وعلى الثاني لا تسقط، ولها بعد عودتها عن كل يوم مائة ريال.

وينغي التنبيه إلى أن غياب الزوجة في القديم لمدة تتجاوز ثلاثة أشهر له أثر بالغ، وإيجاب النفقة في هذه المدة مع عدم التمكن الذي هو شرط وجوب النفقة فيه إضرار بالزوج، ولذلك كان لهذا القول حظ من النظر والحالة كما ذُكر، وأما الآن فقد لا يكون فيه إضرار بالزوج، وإن قلنا بأن النفقة تسقط فليست كثيرة لقلة أيام غياب الزوجة.

وفي كثير من الأحايين الزوج يدفع لزوجته تكاليف أداء الفريضة وتكلفة سفر أغلى من تكلفة حضر؛ لوجود وسائل النقل، والفنادق وغيرها.

ولذلك يمكن الجمع بين القولين بهذه الطريقة، بحيث ينظر إلى حقيقة فوت الاحتباس عرفاً، والله أعلم.


(١) التاج والإكليل، ٤/ ٣٠٦، مواهب الجليل، ٢/ ٤٧٢.
(٢) بدائع الصنائع، ٤/ ٢٠.

<<  <   >  >>