للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويعنون بشهود الحقيقة الكونيَّة: التسوية بين الموجودات. ويدَّعون أن وجود الخالق فاض عليهم، فأصبح وجود المخلوقات هو عين وجود الخالق، وبالتالي زالت الفوارق عند العارف، فلا يفرِّق بين خالقٍ ومخلوقٍ، وعبدٍ ومعبودٍ، وبارٍّ وفاجرٍ، وأمرٍ ونهيٍ، وطاعةٍ ومعصيةٍ، وخيرٍ وشرٍّ (١).

وهذا قول أصحاب وحدة الوجود: كابن عربيٍّ، وابن سبعين، وأمثالهما من الملاحدة والزنادقة.

والجواب عن ذلك:

أن قول هؤلاء كفرٌ صريحٌ وتكذيبٌ للشريعة بأسرها، وهو أشدُّ من كفر اليهود والنصارى وعامَّة المشركين، والأدلَّة كلُّها شاهدةٌ بكفر هؤلاء وضلالهم وفساد قولهم ومصادمته للنصوص والعقل والفطرة السليمة.

قال ابن القيِّم: «هذه الحقيقة التي يشير إلى عينها طائفة الاتِّحاديَّة، ويعدُّون مَنْ لم يكن من أهلها محجوبًا، وهذه حقيقةٌ كفريَّةٌ اتِّحاديَّةٌ، وهي مع ذلك خيالٌ فاسدٌ، وعقلٌ منكوسٌ، وذوقٌ من عينٍ منتنةٍ، وكفر أهلها أعظم من كفر كلِّ أُمَّةٍ؛ فإنهم جحدوا الصانع حقًّا، وإن أثبتوه جعلوا وجوده وجود كلِّ موجودٍ، والذين أثبتوا الصانع وعدلوا به غيره وسوَّوا بينه وبين غيره في العبادة مقالتهم خيرٌ من مقالة هؤلاء الذين جعلوه وجود كلِّ موجودٍ وعين كلِّ شيءٍ، تعالى الله عما يقول الكاذبون المفترون علوًّا كبيرًا» (٢).

وأصحاب هذه الحقيقة مع ادِّعائهم المعرفة وشهود الحقيقة الكونيَّة فهم أجهل الناس وأقلُّهم معرفةً وعلمًا.


(١) انظر: المستدرك على مجموع الفتاوى (١/ ٣٦)، مدارج السالكين (١/ ١٨٠).
(٢) طريق الهجرتين (ص: ٣٤٨)

<<  <   >  >>