للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإجماع السلف» (١).

بيان الحق في ذلك:

الحق في هذه المسألة هو ما عليه أهل السنة، وهو مقتضى الأدلة: وهو المنع من إطلاق القول بالتكليف بما لا يطاق؛ لكون هذه المسألة محدثة، ولما فيها من الإجمال، على ماتقدم إيضاحه في قول أهل السنة.

وأما المسائل التي ادَّعى المتكلِّمون أنه من التكليف بما لا يُطاق؛ فالصواب فيها أنها على نوعين:

النوع الأوَّل: الممتنع بقسميه -وهما: الممتنع لذاته، كالجمع بين الضدين، والممتنع عادةً، كالطيران والمشي على الوجه-؛ فهذا لا يقع التكليف به. قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧].

قال السمعانيُّ : «قوله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦] أي: طاقتها.

وقيل: ما (يشقُّ) عليها» (٢).

وقال ابن كثيرٍ : «أي: لا يكلِّف أحدًا فوق طاقته، وهذا من لطفه تعالى بخلقه ورأفته بهم وإحسانه إليهم» (٣).

أما تكليف أبي لهبٍ وغيره بالإيمان؛ فهذا حقٌّ. وهو إذا أمر أن يصدِّق الرسول في كلِّ ما يقوله وأخبر مع ذلك أنه لا يصدِّقه بل يموت كافرًا؛ لم


(١) شرح الطحاوية (ص: ٤٤٦).
(٢) تفسير السمعاني (١/ ٢٨٨).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٧٣٧).

<<  <   >  >>