يقدم كعادته الآيات القرآنية، مثل قوله تعالى:(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) ، (أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا)[الملك، الآية: ١٦، ١٧] ، فهو سبحانه العلي الأعلى لا يعلوه شيء من خلقه، كما أخبر الرسل بأن الله تعالى فوق العالم بعبارات متنوعة ولكن ليس مرادهم أن الله في جوف السموات أو أن الله يحصره شيء من المخلوقات، بل كلام الرسل كله يصدق بعضه بعضًا، كما قال تعالى:(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الصافات، الآيات: ١٨٠ - ١٨٢] وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(أنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء) ويناقش شيخ الإسلام كافة التصورات المحتملة فينفيها، ويثبت الصحيح، فمن التصورات الخاطئة اعتقاد أن يكون الرب محصورًا في شيء من المخلوقات أصلاً سواء سمي ذلك المخلوق جهة أو لم يسم جهة، ويخطئ أيضًا من يظن أنه ليس فوق السموات رب، ولا على العرش، ومحمد صلوات الله لم يعرج إلى ربه، ولا تصعد الملائكة إليه، ولا تنزل الكتب منه، ولا يقرب منه شيء، ولا يدنو إلى شيء.
الاعتقاد الصحيح إذن أنه ليس موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق بائن على مخلوقاته، عال عليها، فمن سمى ما فوق العالم جهة وجعل العدم المحض جهة وقال في جهة بهذا المعنى أي: هو نفسه فوق كل شيء فهذا معنى صحيح (١) .
(١) ابن تيمية: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ج ٣ ص ٨٣.