[الأنعام: ١٩] فمن بلغه بعض القرآن دون بعض قامت عليه الحجة فيما بلغه دون ما لم يبلغه.
كما تظهر وظيفة الأنبياء - أو دورهم، ومهامهم - في كونهم وسائط بين الله وبين عباده في تبليغ أمره ونهيه ووعده ووعيده، وما أخبر به عن نفسه وملائكته وغير ذلك مما كان ويكون.
وتفصح الآيات القرآنية عن الرسول بأنه لا يعلم الغيب وأنه ليس ملكًا يملك الخزائن، وإنما هو بشر لا يستغني عن المأكل والمشرب.
ولابن تيمية كتاب (النبوات) عالج فيه الموضوع باستفاضة، كما أشار في كتب كثيرة ربما أكثرها استفاضة (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح) إذ عرض فيه دلالة وبراهين نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم -، ومنها الأدلة العقلية التي استخدمها هرقل ملك الروم، إذ سأل أبا سفيان قبل إسلامه (كيف نسبه فيكم؟ قال هو فينا ذو نسب قال فهل قال هذا القول منكم أحد قبله قط؟ قال: لا قال فهل كان من آبائه من ملك؟ قال: لا قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قال: بل ضعفاؤهم فقال أيزيدون أم ينقصون؟ قال: بل يزيدون قال: فهل يرتد منهم أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال: لا، قال فهل يغدر؟ قال: لا، قال فهل قاتلتموه؟ قال: نعم، قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قال: الحرب بيننا وبينه سجال ينال منا، وننال منه قال: فبماذا يأمركم؟ قال: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئًا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة) .
ومن هذه الإجابات كلها تأكد هرقل من نبوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وفسر إجابات أبي سفيان بالآتي (أن الرسل تبعث في أحساب قومها ولو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه والضعفاء هم أتباع الرسل، وأنه لم يكن ليدع الكذب على الناس ثم يكذب على الله) واستدل من عدم ارتداد أتباعه عن دينه بسبب الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب وأنهم يزيدون - فكذلك الإيمان حتى يتم ومن الحرب الدائرة بينه وبين قومه وأنها سجال ينالون منه وينال منهم دلت على أن الرسل يبتلون ثم تكون لهم العاقبة إلى جانب أنه لا يغدر ولم يسبقه أحد قبله بقوله وكذلك أوامره بعبادة الله