للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحجة لهذا القول ـ أعني الوقوف عند من رماهم أئمة هذا الشأن بالتدليس ـ ترجع في جملتها إلى ما تكرر ذكره مراراً، وهو أننا متبعون لأئمة هذا الفن في كل شيء، فكما نتبعهم في جرح الراوي وتعديله ـ نتبعهم في أحكامهم الأخرى على الراوي، بل إن التدليس نوع جرح في الراوي، وقد تقدم شيء من أقوالهم في ذم التدليس والمدلسين في المبحث الأول.

وهم مع ذمهم للتدليس والمدلسين لم يستحبوا في بادئ الأمر التنويه بمن وصف بالتدليس صراحة، لوقوعه من أئمة كبار، وممن دارت عليهم الرواية، كما قال الحاكم: "ولم أستحسن ذكر أسامي من دلَّس من أئمة المسلمين صيانة للحديث ورواته" (١).

وكره أحمد وجماعة من الأئمة صنيع حسين الكرابيسي حين وضع كتاباً ذكر فيه أسامي المدلسين، وذمُّوه لما فيه من الطعن عليهم وغمزهم (٢)، وألف الطحاوي كتاباً في نقض كتاب الكرابيسي (٣).

على أن بعض أئمة الحديث قد صنف في المدلسين، مع الذب عنهم، وكان غرضهم من ذلك صحيحاً، إذ قصدوا حفظ السنة وصيانتها، فعلى سبيل المثال


(١) "معرفة علوم الحديث" ص ١١١.
(٢) انظر: "شرح علل الترمذي" ٢: ٨٩٢ - ٨٩٣.
(٣) "الفهرست" لابن النديم ص ٢٦٠.

<<  <   >  >>