للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لم يسمع منه" (١).

وقال في مكان آخر: "ولم نعرف بالتدليس ببلدنا فيمن مضى، ولا من أدركنا من أصحابنا، إلا حديثاً، فإن منهم من قبله عمن لو تركه عليه كان خيراً له، وكان قول الرجل: سمعت فلاناً يقول: سمعت فلاناً، وقوله: حدثني فلان عن فلان ـ سواء عندهم، لا يحدث واحد منهم عمن لقي إلا ما سمع

منه" (٢).

وسواء قلنا: إن الشافعي يخص التدليس بهذه الصورة كما نسبه إليه ابن حجر، أو قلنا: إنه ذكر هذه الصورة وسكت عن الأخرى، وهي رواية الراوي عمن عاصره ولم يسمع منه، ولا يدل سكوته عنها على أنه لا يراها تدليساً، فإن الحكم الذي أطلقه الشافعي على رواية المدلس، وأنها غير مقبولة حتى يصرح بالتحديث، وأن من ثبت عنه التدليس مرة واحدة فهو مدلس ـ ينبغي أن يقصر في نسبته إلى الشافعي على الصورة التي ذكرها فقط، ويبقى رأيه في الصورة الثانية على فرض أنه يراها تدليساً ـ لم يذكره، فهل يلحقها بالأولى في هذا الحكم، أو يلحق بالأولى من أكثر منها، أو يرى أن من ارتكبها فقط فعنعنته عمن سمع منه مقبولة مطلقاً؟

وأما ابن حبان فمع أنه مَثَّل بأناس يدلسون عمن سمعوا منه، ونص هو على هذا، إلا أنه ثابت عنه تسمية الرواية عمن عاصره ولم يسمع منه تدليساً، بل ربما سمى الرواية عمن لم يدركه تدليساً، كما تقدم في المبحث الأول، وعلى هذا


(١) "الرسالة" ص ٣٧١.
(٢) "الرسالة" ص ٣٧٩.

<<  <   >  >>