للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالظاهر أنه ذكر الصورة الأولى على سبيل التمثيل، فسرد جماعة من المشهورين بالتدليس يرتكبونها.

وما يقال عن ابن حبان يقال عن الخطيب البغدادي، لكن رأيه بشمول هذا الحكم لمن دلَّس على الصورتين من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى البحث عن قرائن، فقد عرف التدليس بصورتيه، ثم ذكر شيئاً من أخبار المدلسين على الصورتين، ثم ذكر الخلاف في رواية المدلس، واختار هذا القول، ونص على سريانه فيمن دلس مرة واحدة (١).

وبناءً على ما تقدم فرأي الخطيب البغدادي في رواية المدلس إذا روى بصيغة محتملة للسماع وعدمه أشد ما وقفت عليه من أقوال للأئمة.

الأمر الثالث: صحح القول بأن رواية المدلس بصيغة محتملة محمولة على الانقطاع كثير ممن ألف في "علوم الحديث"، كابن الصلاح، والنووي، والعلائي، وابن حجر، وغيرهم، ونسبه العلائي إلى جمهور أئمة الحديث والفقه والأصول، بل إن النووي نقل الاتفاق على أن المدلس لا يحتج بخبره إذا عنعن (٢)، إلا أن العلائي وابن حجر عادا فأخرجا من هذا الحكم من هو قليل التدليس، كما أن المكثرين منه ليسوا على درجة واحدة، وذلك بتقسيمهما المدلسين إلى الطبقات المعروفة، وسيأتي الكلام عنها في القول الثالث.


(١) " الكفاية " ص ٣٥٥ - ٣٦٤، وانظر: "الجامع لأخلاق الراوي" ٢: ١٧٣.
(٢) "مقدمة ابن الصلاح" ص ١٧١، و"إرشاد طلاب الحقائق" ص ٩٣، و"المجموع" ٧: ١٣٦، ١٤٦، و "جامع التحصيل" ص ١١١، ١١٥، ١١٦، و"نزهة النظر" ص ١١٣.

<<  <   >  >>