ولكن التوراة الموجودة اليوم بين أيدي اليهود محرفة أصابها ما أصابها. قال تعالى:{فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَال تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}[المائدة: ١٣].
ومما يدل على تحريفها أنه ليس فيها ذكر الجنة والنار وحال البعث والحشر والجزاء مع أن ذلك من أهم ما يذكر في الكتب الإلهية. ومما يدل على تحريفها أيضًا ذكر وفاةِ موسى عليه السلام فيها في الباب الأخير منها والحال أنه هو الذي أنزلت عليه.
أخرج الطبراني بسند حسن عن أبي موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:[إن بني إسرائيل كتبوا كتابًا فاتبعوه وتركوا التوراة](١).
وأما الزبور فهو كتاب الله تعالى أنزله على نبيِّه داود عليه الصلاة والسلام، كما قال سبحانه في سورة النساء:{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا}.
والزبور كتاب كريم فيه أدعية وأذكار ومواعظ وحكم، ولكن ليس فيه أحكام شرعية، لأن داود عليه السلام كان مأمورًا باتباع الشريعة الموسوية.
وأما الإنجيل ففيه دعوة الخلق إلى توحيد الخالق عز وجل، ونسخ بعض أحكام التوراة الفرعية على حسب الاقتضاء، والتبشير بظهور خاتم الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام، كما قال سبحانه في سورة الصف:{وَإِذْ قَال عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ}.
وأخرج ابن عساكر بإسناد حسن عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
(١) حديث حسن. رواه الطبراني من حديث أبي موسى كما في مجمع الزوائد (١/ ١٧٢) بسند حسن، وانظر صحيح الجامع الصغير، حديث رقم، (٢٠٤٠).