للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: [أنا دعوة إبراهيم، وكان آخر من بشّر بي عيسى بن مريم] (١).

ولكن الإنجيل بصفته التي أنزله الله على عيسى عليه السلام قد أصابه ما أصابه من التحريف والتبديل، وظهرت بعد رفْعِ المسيح عليه الصلاة والسلام إلى السماء أناجيل كثيرة، حتى تم إلغاؤها بعد أكثر من مئتي سنة من رفعه، تخلصًا من التناقضات التي لحقت بها، وذلك في مجمع نيقيا سنة ٣٢٥ للميلاد، حيث اجتمع كثير من البطارقة والأساقفة وتوصلوا بعد حوار ونقاش إلى الإذعان للملك قسطنطين ومَنْ قال بألوهية المسيح، ونسخ جميع تلك الأناجيل إلا أربعة، وهي أناجيل (متى، ومرقص، ولوقا، ويوحنا) وهؤلاء قد ألفوها وبعضهم لم ير المسيح عليه السلام أصلًا.

ويقال إن متى هو أحد حواريّي المسيح عيسى عليه السلام الاثني عشر، جال في البلاد مبشرًا حتى وصل الحبشة، فأقام فيها نحوًا من ثلاث وعشرين سنة إلى أن قتل سنة ٧٠ للميلاد.

وأما مرقص فيقال إن اسمه يوحنا ولقبه مرقص، وليس من الحواريين، ولكنه لازم خاله برنابا، وقتل في سجنه سنة ٦٢ للميلاد، وقيل إنه كان يكره القول بألوهية المسيح عليه السلام.

وأما لوقا: فولد في أنطاكية ودرس الطب ونجح فيه، ولم ير المسيح ولم يسمع منه، ولكنه لازم بولس (المسمى بالرسول) والمعروف بتحريفه للديانة النصرانية، وقد حدثت أكثر المجازر بتخطيطه فقد كان يهوديًّا.

وأما يوحنا: فهو أحد الحواريين الاثني عشر، مات سنة ٦٥ للميلاد بعد اضطهاد.

وجملة القول: إن الإنجيل هو كلام الله أنزله على عيسى وبشر فيه بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو كتاب كريم يدعو إلى التوحيد ودين الإسلام.

ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [أنا أولى الناس بعيسى بن مريمَ في الدنيا والآخرة، ليس بيني وبينه نبي، والأنبياء أولادُ علات، أمهاتهم شتى ودينهم واحد] (٢).


(١) حديث حسن. رواه ابن عساكر في "التاريخ" (١/ ٢٦٥/ ٢)، وأحمد في المسند (٥/ ٢٦٢)، بلفظ قريب، وكذلك ابن سعد في "الطبقات" (١/ ١٠٢)، وانظر الساسلة الصحيحة (١٥٤٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٤٤٢)، (٣٤٤٣)، ومسلم (٢٣٦٥)، وأحمد (٢/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>