للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آياتي وأدلتي التي آتيتهم. ثم وفّى لهم بوعيده لمّا تمادوا في غَيِّهم، وعَتَوْا على ربهم، نقتلهم يوم بدر بالسيف).

وقال ابن كثير: (وهذا تهديد لهم ووعيدٌ شديد على تكذيبهم بالحق، بأنه لا بدَّ أن يأتيهم خَبَرُ مَا هُمْ فيه من التكذيب، وليجدُنّ غِبَّهُ، وَليَذوقُنَّ وبَاله).

فالمراد ما نالهم يوم بدر من القتل والهزيمة. وقيل: المراد يوم القيامة. وكلا المعنيين حق يحتمله التأويل والبيان الإلهي.

وقوله: {أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ}.

قال قتادة: (يقول: أعطيناهم ما لم نعطكم) - أي من الدنيا.

قال ابن كثير: (أي: من الأموال والأولاد والأعمار، والجاه العريض، والسَّعَةِ والجنود).

وقوله: {وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ}.

قال ابن جرير: (أمطرت فأخرجت لهم الأشجارُ ثمارها، وأعطتهم الأرض رَيْع نباتها، وجابوا صخور جبالها، ودَرَّت عليهم السماء بأمطارها، وتفجرت من تحتهم عيون المياه بينابيعها بإذني، فغمطوا نعمة ربهم، وعصوا رسولَ خالقهم، وخالفوا أمرَ بارئهم، وبَغَوْا حتى حَقَّ عليهم قَوْلي، فأخذتهم بما اجترحوا من ذنوبهم، وعاقبتهم بما اكتسبت أيديهم، وأهلكت بعضهم بالرَّجفة، وبعضهم بالصيحة، وغير ذلك من أنواع العذاب).

وقوله: {وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ}.

أي: أخرجنا بعد هلاكهم جيلًا آخر للابتلاء، بعد ما هلك الأولون فكانوا كأمس الذاهب، فاحذروا معشر المكذبين بمحمد -صلى الله عليه وسلم- ورسالته أن ينزل بكم مثل ما نزل بتلك الأمم، قبلكم إذ دَكَّها الله دكًا وصيّرها للناس أحاديث، فما أنتم بأعزَّ على الله منهم، فإن الله تبارك وتعالى لا يحابي أحدًا من خلقه.

٧ - ١١. قوله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٧) وَقَالوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>