أي: وفقناه إلى اتباع منهج الحق قبل إبراهيم وإسحاق ويعقوب. قال القاسمي:({وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ} أي: من قبله، هديناه كما هديناه. وعدّ هداه نعمة على إبراهيم، من حيث إنه أبوه، وشرف الوالد يتعدى إلى الولد). قال ابن كثير:(كل منهما له خصوصية عظيمة. أما نوح عليه السلام فإن الله تعالى لما أغرق أهل الأرض، إلا مَن آمن به، وهم الذين صَحِبوه في السفينة، جعل الله ذريته هم الباقين، فالناس كلهم من ذرية نوح وكذلك الخليل إبراهيم عليه السلام، لَمْ يبعث الله - عز وجل - بعده نبيًا إلا من ذريته، كما قال تعالى:{وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ. . .}[العنكبوت: ٢٧] الآية، وقال تعالى:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ}[الحديد: ٢٦]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)} [مريم: ٥٨]).
أخرج الإمام أحمد في المسند، والبيهقي في "الأسماء"، بإسناد صحيح من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [إن نبيّ الله نوحًا - صلى الله عليه وسلم - لما حضرته الوفاة قال لابنه: إني قاص عليك الوصية، آمرك باثنتين وأنهاك عن اثنتين، آمرك بـ:"لا إله إلا الله" فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعت في كفة، ووضعت لا إله إلا الله في كفة، رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السماوات السبع والأرضين السبع كنّ حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر. قال: قلت: أو قيل: يا رسول الله هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر؟ قال: أن يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان؟ قال: لا، قال: هو أن يكون لأحدنا أصحاب يجلسون إليه؟ قال: لا. قيل: يا رسول الله فما الكبر؟ قال: سفه الحق وغمص الناس] (١).