للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم مباح وفيه فوائد كثيرة، وقد استعمله العرب قديمًا وأقره الإسلام، فقد كانوا يهتدون إلى الجهات في أسفارهم بما يعلمونه عن حركات الكواكب وظهور وأفول النجوم. ثم أثبت الله سبحانه أنه جعل هذه النجوم ترجُمُ الشياطين رحمة منه بعباده، ليظهر لهم كذب هؤلاء الدجالين من السحرة والعرافين والمنجمين، الذين لا يستطيعون إتمام استراق خبر كامل من السماء، فيلجؤون إلى إكمال الخبر بالكذب، والطلاسم والسحر.

أخرج الإمام أحمد في المسند بسند قوي عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [من اقتبس شعبة من النجوم، فقد اقتبس شعبة من السحر، زاد ما زاد] (١).

وعند ابن عساكر - عن أبي محجن مرفوعًا: [أخاف على أمتي ثلاثًا: حيف السلطان، وإيمانًا بالنجوم، وتكذيبًا بالقدر] (٢).

وقوله: {قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}.

أي: بيّنا هذه الحجج والدلالات لقوم يحبون معرفة الحق فلا يستمرون في الخوض في الباطل والشبهات.

٩٨ - ٩٩. قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ (٩٨) وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٩٩)}.

في هذه الآيات: يتابع الله تعالى بيان آلائه ونعمه على الجاحدين توحيده فيقول: وإلهكم - أيها المشركون العادلون بالله أوثانكم وآلهتكم - الذي أوجدكم من العدم بعد أن لم تكونوا شيئًا، فخلقكم من صلب أبيكم آدم فتناسلتم وقد جعل المستقر في الأرحام والمستودع في الأصلاب فانحدرت الذرية المتتابعة فكان أجدادكم ثم آباؤكم


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٢٧٧) من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما. وسنده قوي كما جاء في تحقيق "فتح المجيد" ص (٣٢٧).
(٢) حديث صحيح. رواه ابن عساكر، وحسنه السيوطي، انظر المرجع السابق ص (٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>