للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم أوجدكم من بعدهم، وقد بينا لكم الحجج وميزنا الأدلة والعبر لكم لعلكم تعتبرون. إن الله ربكم هو الذي أنزل لكم من السماء ماء فأخرج لكم به نباتكم ونبات أنعامكم وأرزاقكم المختلفة، وأخرج منه رطبًا من الزرع أخضر، وأخرج من الخضر حبًا في السنابل، ومن النخل من طلعها قنوانه دانية لاصقة عُذوقها بالأرض تنعمون بقربها من أيديكم وسهولة تناولها، وأخرج لكم جنات من أعناب، وأخرج الزيتون والرمان مشتبهًا ورقه، مختلفًا ثمره، متاعًا لكم، فانظروا إلى ثمر هذه الأشجار المختلفة ونضجه إذا نضج، إن في كل ذلك لآيات لقوم يثبتون التعظيم لله وحده، ويعظمون أوامره وينتهون عن محرماته.

فقوله: {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ}.

قال ابن جرير: (يعني الذي ابتدأ خلقكم من غير شيء، فأوجدكم بعد أن لم تكونوا شيئًا).

وعن السدي وقتادة: ({مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ}، قال: من آدم عليه السلام).

وقوله: {فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ} - فيه أقوال:

١ - القول الأول: هو الذي أنشاكم من نفس واحدة، فمنكم مستقِرٌّ في الرحم، ومنكم مستودع في القبر حتى يبعثه الله لنشر القيامة.

قال ابن مسعود: (مستقرها في الأرحام، ومستودعها حيث تموت).

وقال إبراهيم: (مستقرها في الأرحام، ومستودعها في الأرض، حيث تموت فيها).

٢ - القول الثاني: المستودع أصلاب الآباء، والمستقر بطون النساء وبطون الأرض أو ظهورها.

فعن سعيد بن جبير: ({فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ}، قال: مستودعون، ما كان في أصلاب الرجال. فإذا قرّوا في أرحام النساء أو على ظهر الأرض أو في بطنها، فقد استقروا).

٣ - القول الثالث: قيل بل المعنى: فمستقر في الأرض على ظهورها، ومستودع عند الله.

قال مجاهد: (المستقر في الأرض، والمستودع عند ربك).

وقال إبراهيم، قال عبد الله: (مستقرها في الدنيا، ومستودعها في الآخرة).

٤ - القول الرابع: فمستقر في الرحم، ومستودع في الصلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>