للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أهلها إلا سلطنا عليهم البؤس وشظف المعيشة وضيقها، وسوء الأحوال في معيشتهم ودنياهم. قال ابن كثير: (يعني {بِالْبَأْسَاءِ} ما يصيبهم في أبدانهم من أمراض وأسقام. {وَالضَّرَّاءِ} ما يصيبهم من فقرٍ وحاجة ونحو ذلك).

وقوله: {لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ}

أي: يتضرعون. قال ابن جرير: (ولكن أدغمت التاء في الضاد لتقارب مخرجهما). والمعنى: أي امتحنهم الله تعالى بالشدة ليتضرعوا ويبتهلوا إليه سبحانه ويدعوه لكشف ما نزل بهم، إلا أنهم تكبروا فاختبرهم عندئذ بالرخاء.

وهو قوله: {ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ}.

قال قتادة: (مكان الشدة رخاء). وقال مجاهد: {السَّيِّئَةِ}، الشر، و {الْحَسَنَةَ}، الرخاء والمالُ والولد). أو قال: {السَّيِّئَةِ}، الشر، و {الْحَسَنَةَ}، الخير).

وقوله: {حَتَّى عَفَوْا}.

قال ابن عباس: (يقول: حتى كثروا وكثرت أموالهم). وقال: {حَتَّى عَفَوْا}، قال: جَمُّوا). وقال مجاهد: (كثرت أموالهم وأولادهم). وقال السدي: (حتى كثروا). وقال إبراهيم: (حتى جَمُّوا وكثروا). وقال ابن زيد: (كثروا كما يكثر النبات والرّيش، ثم أخذهم عند ذلك بغتة وهم لا يشعرون).

قال القرطبي: (أعلم الله تعالى أنه أخذهم بالشدة والرخاء فلم يزدجروا ولم يشكروا).

وقوله: {وَقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ}.

أي: فنحن مثلهم في تقلب الأيام والأحوال، وهكذا الدهر تاراتٌ وتاراتٌ، فيوم لنا ويوم علينا، ويوم نُساء ويوم نُسَرّ، وما استشعروا بغفلتهم ابتلاء الله لهم واختباره في الحالتين.

قال ابن جرير: (وجهل المساكين شكرَ نعمة الله، وأغفلوا من جهلهم استدامةَ فضله بالإنابة إلى طاعته، والمسارعة إلى الإقلاع عما يكرهه بالتوبة، حتى أتاهم أمره وهم لا يشعرون).

قلت: وقد حفلت السنة الصحيحة بتوضيح آلية الابتلاء، في الشدة والرَخاء، وكيف ينجو العبد وينجح في الاختبارين، ومن ذلك أحاديث:

<<  <  ج: ص:  >  >>