سألوا موسى أن يدعو ربه بما عهد له من النبوة لئن رفعت عنا الرجز لنصدقن بك وبدعوتك ولنقرن لك بالطاعة، وَلنخلين معك بني إسرائيل. فلما رفع الله عنهم ذلك العذاب - إلى حين موعد هلاكهم الأخير بالغرق - إذا هم ينقضون العهد والمواثيق، فما كان بعد هذه السلسلة من التكذيب والمكر إلا أن أنزل الله بهم نقمته وانتصر منهم فأغرقهم في البحر فكانوا كأمس الذاهب. ثم أورث الله المؤمنين من بني إسرائيل أرض الشام ومصر، وجميع جهات المشرق والمغرب التي بارك سبحانه فيها بإخراج الزروع والثمار وجريان الأنهار، وكونها مهد الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، وتمت كلمة الله الحسنى أن استحقوا وعده ونصره بعد طول جهاد وصبر، وأهلك الله فرعون وقومه، ودَمَّرَ ما عمروه وصنعوه، وما بنوه طمعًا في البقاء في منصة الحكم والكبر والعلو في الأرض.
قال أبو إسحاق، عن أبي عبيدة، عن عبد الله:(سني الجوع). وقال مجاهد:(الجائحة). أي: ابتليناهم وامتحناهم بسني الجوع بسبب القحط والجدب وقلة الزروع. وفي الحديث:[اللهم اجعلها عليهم سنين كسِني يوسف](١).
وقوله:{وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}.
قال رجاء بن حيوة:(حيث لا تحمل النخلة إلا ثمرة واحدة).
وقال قتادة: (أخذهم الله بالسنين، بالجوع، عامًا فعامًا، {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}، فأما "السنين" فكان ذلك في باديتهم وأهل مواشيهم، وأما {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ}، فكان ذلك في أمصارهم وقراهم).