للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

قال ابن عباس: ({أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ}، يقول: الأمر من قبل الله. قال: مصائبهم عند الله. قال الله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.

وقوله تعالى: {وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}.

أي: يقولون: إنه لن نقبل منك أي آية تأتي بها أو حجّة تقيمها علينا، فما نحن لك بمؤمنين. قال ابن جرير: (قال آل فرعون لموسى: يا موسى، مهما تأتنا به من علامة ودلالة، {لِتَسْحَرَنَا}، يقول: لتلفتنا بها عما نحن عليه من دين فرعون، {فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ}، يقول: فما نحن لك في ذلك بمصدقين على أنك محق فيما تدعونا إليه).

وقوله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ}.

الطوفان: هو المطر الشديد حتى الفيض وخشية الغرق. قال ابن عباس: (لما جاء موسى بالآيات، كان أول الآيات الطوفان، فأرسل الله عليهم السماء. قال الضحاك: ({الطُّوفَانَ}، الماء).

وقال أيضًا: ({الطُّوفَانَ}، الغرق). وقيل: (الطوفان: كثرة الموت). وقيل: (الطاعون). والأول أرجح، كما قال ابن عباس في الرواية المشهورة: (كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزروع والثمار). وهو اختيار القرطبي رحمه الله - حيث قال: ({فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} أي: المطر الشديد حتى عامُوا فيه).

والجراد: حيوان معروف، جمع جرادة في المذكر والمؤنث، قيل: بعثه الله عليهم حتى أكل زروعهم وثمارهم، حتى أنها كانت تأكل السقوف والأبواب حتى تنهدِمَ ديارهم. ولم يدخل دُور بني إسرائيل منها شيء. والجراد حلال أكله كما ثبت في السنة الصحيحة:

الحديث الأول: أخرج الإمام أحمد وابن ماجه بسند صحيح، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: [أحلت لنا ميتتان ودمان، أما الميتتان فالحوت والجراد، وأما الدمان فالكبد والطحال] (١).


(١) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٩٦/ ٢٥٥/ ١)، والبيهقي (١/ ٢٥٤)، وأخرجه ابن ماجه (٣٣١٤)، وابن عدي (١/ ٢٢٩)، والبغوي في "شرح السنة" (٣/ ١٨٥/ ٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>