قال مجاهد:({لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا}، قال: لا يفقهون بها شيئًا من أمر الآخرة، {وَوَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا}، الهدى، {وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا}، الحق. ثم جعلهم كالأنعام سواء، ثم جعلهم شرًّا من الأنعام، فقال:{بَلْ هُمْ أَضَلُّ}، ثم أخبر أنهم هم الغافلون).
قال الحافظ ابن كثير:(أي: هؤلاء الذين لا يسمعون الحق ولا يَعُونه ولا يبصرون الهدى كالأنعام السارحة التي لا تنتفع بهذه الحواس منها إلا في الذي يُعَيِّشها من ظاهر الحياة الدنيا كما قال تعالى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً. . .}[البقرة: ١٧١]، أي: ومثلهم في حال دعائهم إلى الإيمان، كمثل الأنعام إذا دعاها راعيها لا تسمع إلا صوته، ولا تفقه ما يقول. ولهذا قال في هؤلاء:{بَلْ هُمْ أَضَلُّ}، أي: من الدواب، لأن الدواب قد تستجيب مع ذلك لراعيها إذا أبَسَّ بها، وإن لم تفقه كلامه، بخلاف هؤلاء؟ ولأن الدواب تفقه ما خلقت له إما بطبعها وإما بتسخيرها، بخلاف الكافر فإنه إنما خلق ليعبد الله ويوحده، فكفر بالله وأشرك به).
قال ابن عباس:({وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا}، ومن أسمائه:{الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ}، وكل أسمائه حسن).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مئة إلا واحدًا، من أحصاها دخَلَ الجنة، وهو وِتْرٌ يحسبُّ الوِتْر]- ورواه البخاري (١).
قلت: وإحصاءُ هذه الأسماء يقتضي الحياة في ظلها وامتثال لوازمها من العلم والعمل وتأثر الجوارح، وإلا فالإحصاء العددي وحده لا يكفي، وقد استأثر الله تعالى ببعض أسمائه الحسنى في علم الغيب عنده.
فقد أخرج الإمام أحمد في المسند، بسند جيد، عن عبد الله بن مسعود رضي الله
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٤١٠)، ومسلم (٢٦٧٧)، والترمذي (٣٥٠٦)، وابن ماجه (٣٨٦٠)، وأخرجه أحمد (٢/ ٢٦٧)، وابن حبان (٨٠٧)، والبغوي في "التفسير" (٩٥٤).