للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا}.

قال قتادة: (حواء، فجعلت من ضلع من أضلاعه، ليسكن إليها). وفي التنزيل: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [النساء: ١].

وفيِ صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [إنّ المرأة خُلِقَتْ من ضِلعٍ، لن تستقيمَ لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها، وبها عِوَجٌ، وإن ذَهَبْتَ تُقيمها كَسَرْتَها، وكَسْرُها طلاقُها] (١).

وله شاهد في مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان من حديث سمرة بلفظ: [إن المرأة خلقت من ضلع، وإنك إن ترد إقامةَ الضِّلعِ تكسرها، فدارِها تعشْ بها] وسنده صحيح.

وقوله: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا}. قال ابن جرير: (ليأوي إليها، لقضاء حاجته ولذته).

وقال ابن كثير: (أي: ليألفها ويسكن بها، كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١]، فلا ألفة بين رُوحين أعظم مما بين الزوجين، ولهذا ذكر تعالى أن الساحر ربما توصل بكيده إلى التفرقة بين المرء وزوجه).

قلت: وهذا كلام بديع من الحافظ ابن كثير رحمه الله، فإن غاية السكن والألفة والمودة بين الخلق جعلها الله سبحانه بين الرجل وزوجته، ليجعل الله بذلك بيت الزوجية متماسكًا متينًا لا تهزه رياح التمزيق والتفريق، فإن حصل شيء من ذلك فهو بتمكن الشياطين من التسلل إلى داخل البيت لإحداث الفتن، وهذا لا يكون إلا بإذن الله بسبب بعض المخالفات الشرعية.

فقد أخرج ابن ماجه والحاكم بسند صحيح عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: [لم يُرَ للمتحابَّيْن مثل النكاح] (٢).

وأخرج البخاري في "الأدب المفرد" بسند حسن عن أنس، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:


(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٤٦٦) - كتاب الرضاع - باب الوصية بالنساء. وانظر للشاهد بعده، صحيح الجامع الصغير، حديث رقم (١٩٤٠)، ورواه الحاكم، وسنده صحيح.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجه (١٨٤٧)، والحاكم (٢/ ١٦٠)، والبيهقي (٧/ ٧٨)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>