أي: فلما تدثرها ووطئها ليقضي حاجته منها حملت ماء زوجها - آدم عليه السلام - وهو حمل خفيف عليها في أول أطواره. وفي الكلام محذوف - كما قال ابن جرير - والتقدير: فلما تغشاها فقضى حاجته منها حملت. قال: (يعني بـ "خفة الحمل"، الماء الذي حملته حواء في رَحمها من آدم، أنه كان حملًا خفيفًا، وكذلك هو حملُ المرأة ماءَ الرجل، خفيفٌ عليها). وقال ابن كثير:(وذلك أول الحمل، لا تجد المرأة له ألمًا، إنما هي النُّطفة، ثم العَلَقة، ثم المُضغة).
وقوله:{فَمَرَّتْ بِهِ}.
فيه أقوال:
١ - قال مجاهد:{فَمَرَّتْ بِهِ}، قال: استمرّ حملها).
٢ - وقال السدي:(يقول: استمرت به). وقال أيوب:(سألت الحسن عن قوله: {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ}، قال: لو كنت امرأً عربيًا لعرفت ما هي، إنما هي: فاستمرت به). وقال قتادة:(واستبان حملها).
٣ - وقال ابن عباس:{فَمَرَّتْ بِهِ}، قال: فشكت، أحملت أم لا؟ ).
٤ - وقال ميمون بن مهران، عن أبيه:(استخفته).
قلت: وخلاصة المعنى كما ذكر مجاهد والحسن وغيرهما، وهو اختيار ابن جرير - شيخ المفسرين رحمه الله - قال:(استمرت بالماء، قامت به وقعدت).
وقوله:{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ}.
أي: ظهر الحمل وترعرع في بطنها واقترب حين ولادتها. كما قال السدي:(كبر الولد في بطنها). قال ابن كثير:(أي: صارت ذات ثِقَل بحملها).
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري "في الأدب المفرد" (٤٠١)، وأخرجه أحمد (٢/ ٦٨)، من حديث ابن عمر. وانظر صحيح الأدب المفرد - حديث رقم - (٣١٠)، والسلسلة الصحيحة (٦٣٧).