وقوله: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ}.
أي: لئن آتيتنا بشرًا سويًا لنكونن ممن يشكرك على ما وهبت.
ومن أقوال المفسرين في هذه الآية:
١ - قال ابن عباس: (أشفقا أن يكون بهيمة). وعن أبي البختري قال: (أشفقا أن يكون شيئًا دون الإنسان). أو قال: (أشفقا أن لا يكون إنسانًا).
٢ - عن أبي صالح قال: (لما حملت امرأة آدم فأثقلت، كانا يشفقان أن يكون بهيمة. فدعوا ربهما: {لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا}، الآية).
٣ - قال الحسن البصري: (لئن آتيتنا غلامًا).
وقوله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحًا جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
قال الحسن: (كان هذا في بعض أهل الملل، ولم يكن بآدم) - ذكره ابن جرير بسنده عنه، ثم قال: حدثنا محمد بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر قال: قال الحسن: (عَنى بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده. يعني: {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}).
ثم قال: حدثنا بشر، حدثنا يزيد، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: (كان الحسن يقول: هم اليهود والنصارى، رزقهم الله أولادًا، فهوّدوا ونصَّروا).
قال الحافظ ابن كثير: (وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن - رحمه الله - أنه فسر الآية بذلك، وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية).
قلت: وأما ما أورده ابن جرير بسنده عن سمرة بن جندب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (كانت حوّاء لا يعيش لها ولد، فنذرت لئن عاش لها ولد لتسمينه "عبد الحارث"، فعاش لها ولد، فسمته "عبد الحارث"، وإنما كان ذلك عن وحي الشيطان) - فلا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل هو ضعيف منكر (١). ويبقى ما ذكره الحسن واستحسنه ابن كثير، هو
(١) لا يصح رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -. قال الذهبي في الميزان (٦٠٤٢) في ترجمة أحد رواته عمر بن إبراهيم، فقال: صححه الحاكم، وهو منكر. وقال أبو حاتم: لا يحتج به. وقال الدارقطني: ليّن يترك. وذكر الخبر السدي ومجاهد ويبدو أنه متلقى عن أهل الكتاب. وفي الحديث: [إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم]- إسناده جيد. أخرجه أبو داود (٣٦٤٤)، وأحمد (٤/ ١٣٦).