وقوله:{وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ}. أي: إن تعودوا إلى العناد والكفر نعد لكم بوقعة مشابهة فيها ذُلُّكُم وصغاركم وهزيمتكم.
وقال السدي:{وَإِنْ تَعُودُوا} إلى الاستفتاح {نَعُدْ} إلى الفتح لمحمد - صلى الله عليه وسلم - والنصر له وتظفيره على أعدائه).
والأول أقوى ولا مانع من المعنى الآخر، وفي التنزيل:{وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا}[الإسراء: ٨]، وتحمل معنى مشابهًا.
وقوله:{وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ}. قال ابن كثير:(أي: ولو جَمعتم من الجموع ما عسى أن تجمعوا، فإن من كان الله معه فلا غالبَ له، فإن الله مع المؤمنين، وهم الحزبُ النبويُّ، والجنابُ المصطَفويُّ).
وقوله:{وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ}. قال القرطبي:(أي من كان الله في نصره لم تغلبه فئة وإن كثرت).
قال ابن إسحاق:(أي: لا تخالفوا أمره، وأنتم تسمعون لقوله، وتزعمون أنكم منه).
أي: هو أمر بطاعة الله عز وجل، وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعدم التولي عنه وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم من حجج القرآن العظيم وبراهين الوحي الكريم.
وقوله تعالى:{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} - على قولين عند المفسرين:
١ - قال ابن إسحاق:(أي: كالمنافقين الذين يظهرون له الطاعة، ويُسِرّون المعصية).
وعن مجاهد:({وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}، قال: عاصون).
٢ - قال ابن جرير:(يقول: لا تكونوا، أيها المؤمنين، في مخالفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كالمشركين الذين إذا سمعوا كتاب الله يتلى عليهم قالوا:{قد سمعنا}، بآذاننا، {وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ}، يقول: وهم لا يعتبرون ما يسمعون بآذانهم ولا ينتفعون به، لإعراضهم عنه).