في هذه الآيات: إثبات الله تعالى فرح الصحابة بهذا القرآن ومسارعتهم للعمل به، ومن أهل الكتاب وغيرهم من الطوائف من ينكر بعض ما في القرآن ظلمًا وزورًا، فأعلن - يا محمد - إفرادك الله بالتعظيم والدعاء، فإليه الرجوع والمآب. لقد شَرَّفك ربك - يا محمد - بهذا القرآن المحكم بلسان العرب فحذار متابعة أهل الأهواء بعدما جاءك من العلم، فإنه لا ناصر لك حينئذ ولا يقيك من الله واق.
فقوله:{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} - يعني الصحابة فرحوا بالقرآن وعملوا به. قال قتادة:(أولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، فرحوا بكتاب الله وبرسوله وصدّقوا به).
وقوله:{وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ} - يعني اليهود والنصارى وغيرهما من الطوائف.
قال مجاهد:(من أهل الكتاب، و {الْأَحْزَابِ}، أهل الكتب يقرّبهم تحَزُّبهم. {يُنْكِرُ بَعْضَهُ} قال: بعض القرآن).
وعن ابن زيد:{وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ}، قال: هذا مَنْ آمَنَ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب، فيفرحون بذلك. وقرأ:{وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِ}[يونس: ٤٠].وفي قوله:{وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ}، قال:{الْأَحْزَابِ}، الأممُ، اليهود والنصارى والمجوس، منهم من آمن به، ومنهم من أنكره).